فصل
إذا
اشترى ما مأكوله في جوفه ، كالرانج ، والبطيخ ، والرمان ، والجوز ، واللوز ، والبندق ، والبيض ، فكسره فوجده فاسدا ، نظر ، إن لم يكن لفاسده قيمة كالبيضة المذرة التي لا تصلح لشيء ، والبطيخة الشديدة التغير ، رجع بجميع الثمن ، نص عليه . وكيف طريقه ؟ قال معظم الأصحاب : يتبين فساد البيع لوروده على غير متقوم . وقال القفال وطائفة : لا يتبين فساد البيع ، بل طريقه
[ ص: 487 ] استدراك الظلامة . وكما يرجع بجزء من الثمن لنقص جزء من المبيع ، يرجع بكله لفوات كل المبيع .
وتظهر فائدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن تختص حتى يكون عليه تنظيف الموضع منها ؟ أما إذا كان لفاسده قيمة ، كالرانج ، وبيض النعام ، والبطيخ إذا وجده حامضا ، أو مدود بعض الأطراف ، فللكسر حالان . أحدهما : أن لا يوقف على ذلك الفساد إلا بمثله ، فقولان . أظهرهما عند الأكثرين : له رده قهرا كالمصراة . والثاني ، لا ، كما لو قطع الثوب . فعلى هذا هو كسائر العيوب الحادثة ، فيرجع المشتري بأرش العيب القديم ، أو يضم أرش النقصان إليه ، ويرده كما سبق . وعلى الأول ، هل يغرم أرش الكسر ؟ قولان . أظهرهما : لا ؛ لأنه معذور . والثاني : يغرم ما بين قيمته صحيحا فاسد اللب ومكسورا فاسد اللب ، ولا ينظر إلى الثمن . الحال الثاني : أن يمكن الوقوف على ذلك الفساد بأقل من ذلك الكسر ، فلا رد على المذهب كسائر العيوب . وقيل بطرد القولين . إذا عرفت هذا فكسر الجوز ونحوه ، وثقب الرانج ، من صور الحال الأول . وكسر الرانج وترضيض بيض النعام من صور الحال الثاني . وكذا تقوير البطيخ الحامض إذا أمكن معرفة حموضته بغرز شيء فيه ، وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفته بالتقوير الصغير . والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير ، وقد يحتاج إلى الشق ليعرف ، وقد يستغنى في معرفة حال البيض بالقلقلة عن الكسر . ولو شرط في الرمان الحلاوة ، فبان حامضا بالغرز ، رد ، وإن بان بالشق ، فلا .
فرع
اشترى ثوبا مطويا وهو مما ينقص بالنشر ، فنشره ووقف على عيب
[ ص: 488 ] به لا يوقف عليه إلا بالنشر ، ففيه القولان . كذا أطلقه الأصحاب على طبقاتهم مع جعلهم بيع الثوب المطوي من صور بيع الغائب ، ولم يتعرض الأئمة لهذا الإشكال إلا من وجهين . أحدهما : ذكر إمام الحرمين أن هذا الفرع مبني على تصحيح بيع الغائب . والثاني : قال صاحب " الحاوي " وغيره : إن كان مطويا على أكثر من طاقين ، لم يصح البيع إن لم نجوز بيع الغائب . وإن كان مطويا على طاقين ، صح ؛ لأنه يرى جميع الثوب من جانبيه ، وهذا حسن ، لكن المطوي على طاقين ، لا يرى من جانبيه إلا أحد وجهي الثوب ، وفي الاكتفاء به تفصيل وخلاف سبق . ووراء هذا تصويران .
أحدهما : أن تفرض رؤية الثوب قبل الطي ، والطي قبل البيع . والثاني : أن ما نقص بالنشر مرة ، ينقص به مرتين أو أكثر . فلو نشر مرة ، وبيع وأعيد طيه ، ثم نشره المشتري فزاد النقص به ، انتظم التصوير .