فصل
المبيع في الصفقة الواحدة ، إن كان شيئين ، بأن اشترى عبدين فخرجا معيبين ، فله ردهما ، وكذا لو خرج أحدهما معيبا . وليس له رد بعضه إن كان الباقي باقيا في ملكه ، لما فيه من التشقيص على البائع ، فإن رضي به البائع ، جاز على الأصح . وإن كان الباقي زائلا عن ملكه ، بأن عرف العيب بعد بيع بعض المبيع ، ففي رد الباقي طريقان .
أحدهما : على قولي تفريق الصفقة .
وأصحهما : القطع بالمنع ، كما لو كان باقيا في ملكه .
فعلى هذا ، هل يرجع بالأرش ؟ أما للقدر المبيع ، فعلى ما ذكرنا فيما إذا باع الكل . وأما للقدر الباقي ، فوجهان أصحهما : يرجع ، لتعذر الرد ، ولا ينتظر عود الزائل ليرد الجميع ، كما لا ينتظر زوال العيب الحادث . ويجري الوجهان فيما لو اشترى عبدين وباع أحدهما ثم علم العيب ولم
[ ص: 489 ] نجوز رد الباقي ، هل يرجع بالأرش ؟ ولو اشترى عبدا ومات وخلف ابنين ، فوجدا به عيبا ، فالأصح ، وهو قول
ابن الحداد : لا ينفرد أحدهما بالرد ; لأن الصفقة وقعت متحدة . ولهذا لو سلم أحد الابنين نصف الثمن ، لم يلزم البائع تسليم النصف إليه . والثاني : ينفرد ؛ لأنه رد جميع ما ملك .
هذا كله إذا اتحد العاقدان ، أما إذا
اشترى رجل من رجلين عبدا وخرج معيبا ، فله أن يفرد نصيب أحدهما بالرد ; لأن تعدد البائع يوجب تعدد العقد . ولو اشترى رجلان عبدا من رجل فقولان . أظهرهما : أن لأحدهما أن ينفرد بالرد ؛ لأنه رد جميع ما ملك ، فإن جوزنا الانفراد فانفرد أحدهما ، فهل تبطل الشركة بينهما ويخلص للممسك ما أمسك ، وللراد ما استرد ، أم تبقى الشركة بينهما فيما أمسك واسترد ؟ وجهان . أصحهما الأول . وإن منعنا الانفراد فذاك فيما ينقص بالتبعيض . أما ما لا ينقص ، كالحبوب ، فوجهان بناء على أن المانع ضرر التبعيض ، أو اتحاد الصفقة ؟ ولو أراد الممنوع من الرد الأرش ، قال الإمام : إن حصل اليأس من إمكان رد نصيب الآخر ، بأن أعتقه وهو معسر ، فله أخذ الأرش ، وإلا نظر ، فإن رضي صاحبه بالعيب ، بني على أنه لو اشترى نصيب صاحبه وضمه إلى نصيبه ، وأراد الكل والرجوع بنصف الثمن ، هل يجبر على قبوله كما في مسألة النعل ؟ وفيه وجهان . إن قلنا : لا ، أخذ الأرش . وإن قلنا : نعم ، فكذلك على الأصح ؛ لأنه توقع بعيد . وإن كان صاحبه غائبا لا يعرف الحال ، ففي الأرش وجهان بسبب الحيلولة الناجزة . ولو اشترى رجلان عبدا من رجلين ، كان كل واحد منهما مشتريا ربع العبد من كل واحد من البائعين ، فلكل واحد رد الربع إلى أحدهما . ولو اشترى ثلاثة من ثلاثة ، كان كل واحد مشتريا تسع العبد من كل واحد من البائعين . ولو اشترى رجلان ، عبدين من رجلين ، فقد اشترى كل واحد من كل واحد ربع كل عبد ، فلكل واحد رد جميع ما اشترى من كل واحد عليه . ولو رد ربع أحد العبدين وحده ، ففيه قولا التفريق .
[ ص: 490 ] ولو اشترى بعض عبد في صفقة ، وباقيه في صفقة من البائع الأول أو غيره ، فله رد أحد البعضين وحده ، لتعدد الصفقة . ولو علم العيب بعد العقد الأول ، ولم يمكنه الرد ، فاشترى الباقي ، فليس له رد الباقي ، وله رد الأول عند الإمكان .