فصل
إذا
وجد بالمبيع عيبا ، فقال البائع : حدث عند المشتري ، وقال المشتري : بل كان عندك ، نظر ، إن كان العيب مما لا يمكن حدوثه بعد البيع كالأصبع الزائدة ، وشين الشجة المندملة ، وقد جرى البيع أمس ، فالقول قول المشتري . وإن لم يحتمل تقدمه ، كجراحة طرية ، وقد جرى البيع والقبض من سنة ، فالقول قول البائع من غير يمين . وإن احتمل قدمه وحدوثه كالمرض ، فالقول قول البائع ; لأن الأصل لزوم العقد واستمراره .
وكيف يحلف ؟ ينظر في جوابه للمشتري . فإن
ادعى المشتري أن بالمبيع عيبا كان قبل القبض ، فأراد الرد ، فقال في جوابه : ليس له الرد علي بالعيب الذي يذكره ، أو لا يلزمني قبوله ، حلف على ذلك ، ولا يكلف التعرض لعدم العيب يوم البيع ، ولا يوم القبض ، لجواز أنه أقبضه معيبا وهو عالم به ، أو أنه رضي به بعد البيع ، ولو نطق به لصار مدعيا مطالبا بالبينة . وإن قال في الجواب : ما بعته إلا سليما ، أو : ما أقبضته إلا سليما ، فهل يلزمه أن يحلف كذلك ، أم يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد ؟ أو : لا يلزمني قبوله ؟ فيه وجهان .
أصحهما : يلزمه التعرض لما تعرض له في الجواب ، لتطابق اليمين الجواب ، وبهذا قطع صاحب " التهذيب " وغيره . وهذا التفصيل والخلاف ، جاريان في جميع الدعاوى والأجوبة . ثم يمينه تكون على البت ، فيحلف : لقد بعته وما به هذا العيب . ولا يكفيه أن يقول : بعته ولا أعلم به هذا العيب . وتجوز اليمين على البت إذا اختبر حال العبد ، وعلم خفايا أمره ،
[ ص: 491 ] كما يجوز بمثله الشهادة على الإعسار وعدالة الشهود ، وغيرهما . وعند عدم الاختبار ، يجوز أيضا الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعلم ، ولا ظن خلافه .
فرع
لو
زعم المشتري أن بالمبيع عيبا ، فأنكره البائع ، فالقول قوله . ولو اختلفا في بعض الصفات ، هل هو عيب ؟ فالقول قول البائع مع يمينه ، وهذا إذا لم يعرف الحال من غيرهما . قال في " التهذيب " : إن قال واحد من أهل المعرفة به : إنه عيب ، ثبت الرد . واعتبر في " التتمة " شهادة اثنين . ولو ادعى البائع علم المشتري بالعيب ، أو تقصيره في الرد ، فالقول قول المشتري .
فرع
مدار الرد على التعيب عند القبض ، حتى لو كان معيبا عند البيع ، فقبضه وقد زال العيب ، فلا رد بما كان ، بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده وقبل الرد ، سقط حقه من الرد .