فصل
بيع المرابحة مبني على الأمانة ، فعلى البائع الصدق في الإخبار عما اشترى به ، وعما قام به عليه إن باع بلفظ القيام . ولو اشترى بمائة ، وخرج عن ملكه ، ثم اشتراه بخمسين ، فرأس ماله خمسون ، ولا يجوز ضم الثمن الأول إليه . ولو اشتراه بمائة ، وباعه بخمسين ، ثم اشتراه ثانيا بمائة ، فرأس ماله مائة ، ولا يجوز أن يضم إليه خسرانه أولا ، فيخبر بمائة وخمسين . ولو اشتراه بمائة ،
[ ص: 532 ] وباعه بمائة وخمسين ، ثم اشتراه بمائة ، فإن باعه مرابحة بلفظ رأس المال ، أو بلفظ " ما اشتريت " ، أخبر بمائة . وإن باعه بلفظ " قام علي " ، فوجهان .
أصحهما : يخبر بمائة . والثاني : بخمسين .
فرع
يكره أن يواطئ صاحبه فيبيعه بما اشتراه ، ثم يشتريه منه بأكثر ، ليخبر به في المرابحة . فإن فعل ذلك ، قال
ابن الصباغ : ثبت للمشتري الخيار ، وخالفه غيره .
قلت : ممن خالفه صاحب " المهذب " وغيره . وقول
ابن الصباغ أقوى . والله أعلم .
فرع
لو اشترى سلعة ، ثم قبل لزوم العقد ، ألحقا بالثمن زيادة أو نقصا ، وصححناه ، فالثمن ما استقر عليه العقد . وإن حط عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد ، وباع بلفظ " ما اشتريت " ، لم يلزمه حط المحطوط عنه ، وإن باع بلفظ " قام علي " ، لم يخبر إلا بالباقي . فإن حط الكل ، لم يجز بيعه مرابحة بهذا اللفظ ، ولو حط عنه بعض الثمن بعد جريان المرابحة ، لم يلحق الحط المشترى منه على الصحيح . وفي وجه : يلحق كما في التولية والإشراك .
فرع
لو اشترى شيئا بعرض ، وباعه مرابحة بلفظ الشراء ، أو بلفظ القيام ،
[ ص: 533 ] ذكر أنه اشتراه بعرض قيمته كذا ، ولا يقتصر على ذكر القيمة . وإن اشتراه بدين على البائع ، فإن كان مليئا غير مماطل ، لم يجب الإخبار به . وإن كان مماطلا ، وجب .
فرع
يجوز أن
يبيع مرابحة بعض ما اشتراه ، ويذكر قسطه من الثمن . وكذا لو اشترى قفيزي حنطة ونحوها ، وباع أحدهما مرابحة . ولو اشترى عبدين أو ثوبين ، وأراد بيع أحدهما مرابحة ، فطريقه أن يعرف قيمة كل واحد منهما يوم الشراء ، ويوزع الثمن على القيمتين ، ثم يبيعه بحصته من الثمن .
فرع
يجب الإخبار بالعيوب الحادثة في يده ، سواء حدث العيب بآفة سماوية ، أو بجنايته ، أو بجناية غيره ، سواء نقص العين أو القيمة . ولو اطلع على عيب قديم ، فرضي به ، ذكره في المرابحة . ولو تعذر رده بعيب حادث وأخذ الأرش ، فإن باعه بلفظ : " قام علي " ، حط الأرش ، وإن باع بلفظ : ما اشتريت ، ذكر ما جرى به العقد والعيب ، وأخذ الأرش . ولو أخذ أرش جنايته ، ثم باعه ، فإن باع بلفظ " ما اشتريت " ، ذكر الثمن والجناية . وإن باع بلفظ : " قام علي " فوجهان . أحدهما : أنه كالكسب والزيادات ، والمبيع قائم عليه بتمام الثمن .
[ وأصحهما : يحط الأرش من الثمن ، كأرش العيب . والمراد من الأرش هنا : قدر النقص ، لا المأخوذ بتمامه ] . فإذا قطعت يد العبد ، وقيمته مائة فنقص ثلاثين ، أخذ خمسين من الجاني ، وحط من الثمن ثلاثين ، لا خمسين ، هذا هو
[ ص: 534 ] الصحيح . وفي وجه : يحط جميع المأخوذ من الثمن ، وهو شاذ . ولو نقص من القيمة أكثر من الأرش المقدر ، حط ما أخذ من الثمن ، وأخبر عن قيامه عليه بالباقي ، وأنه نقص من قيمته كذا .
فرع
لو اشتراه بغبن ، لزم الإخبار به على الأصح عند الأكثرين . واختار
الإمام والغزالي : أنه لا يلزم . ولو اشترى من ابنه الطفل ، وجب الإخبار به ; لأن الغالب في مثله الزيادة ، نظرا للطفل ، ودفعا للتهمة . ولو اشترى من أبيه أو ابنه الرشيد ، لم يجب الإخبار به على الأصح باتفاقهم ، كالشراء من زوجته ومكاتبه . وفي الشامل ما يقتضي ترددا في المكاتب .
فرع
لو اشتراه بثمن مؤجل ، وجب الإخبار به على الصحيح .
فرع
لا يجب الإخبار بوطء الثيب ، ولا مهرها الذي أخذه ، ولا الزيادات المنفصلة ، كالولد ، واللبن ، والصوف ، والثمرة . ولو كانت حاملا يوم الشراء ، أو كان في ضرعها لبن ، أو على ظهرها صوف ، أو على النخلة طلع ، فاستوفاها ، حط بقسطها من الثمن . وهذا في الحمل بناء على أنه يأخذ قسطا من الثمن .
[ ص: 535 ]