الشرط السادس : معرفة الأوصاف .
فذكر أوصاف المسلم فيه في العقد ، شرط ، فلا يصح السلم فيما لا ينضبط أوصافه ، أو كانت تنضبط ، فتركا بعض ما يجب
[ ص: 16 ] ذكره . ثم من الأصحاب من يشترط التعرض للأوصاف التي يختلف بها الغرض ، ومنهم من يعتبر الأوصاف التي تختلف بها القيمة ، ومنهم من يجمع بينهما ، وليس شيء منها على إطلاقه ، فإن كون العبد قويا في العمل ، أو ضعيفا ، أو كاتبا ، أو أميا ، وما أشبه ذلك ، أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة ، ولا يجب التعرض لها . ولتعذر الضبط أسباب ، منها : الاختلاط ، والمختلطات أربعة أنواع .
الأول : المختلطات المقصودة الأركان ، ولا ينضبط أقدار أخلاطها ، وأوصافها ، كالهريسة ، ومعظم المرق ، والحلوى ، والمعجونات ، والغالية المركبة من المسك ، والعود ، والعنبر ، والكافور ، والقسي ، فلا يصح السلم فيها ، ولا يجوز في الخفاف ، والنعال على الصحيح . والترياق المخلوط كالغالية . فإن كان نباتا واحدا ، أو حجرا ، جاز السلم فيه . والنبل بعد الخرط ، والعمل عليه لا يجوز السلم فيه ، وقبلهما ، يجوز ، والمغازل كالنبال . الثاني : المختلطات المقصودة الأركان ، التي تنضبط أقدارها وصفاتها ، كثوب العتابي ، والخز المركب من الإبريسم ، والوبر ، ويجوز السلم فيها على الصحيح المنصوص لسهولة ضبطها . ويجري الوجهان في الثوب المعمول عليه بالإبرة بعد النسج من غير جنس الأصل ، كالإبريسم على القطن ، والكتان ، فإن كان تركيبها بحيث لا تنضبط أركانها ، فهي كالمعجونات .
الثالث : المختلطات التي لا يقصد منها إلا الخليط الواحد ، كالخبز فيه الملح ، لكنه غير مقصود في نفسه . وفي السلم فيه وجهان ، أصحهما عند الجمهور : لا يصح ، وأصحهما عند الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي : الصحة . ويجوز
السلم في الجبن ، والأقط ، وخل التمر ، والزبيب ، والسمك الذي عليه شيء من الملح على الأصح في الجميع ، لحقارة أخلاطها . وأما الأدهان المطيبة ، كدهن البنفسج ، والبان ، والورد ، فإن خالطها شيء من جرم الطيب لم يجز السلم فيها ، وإن تروح السمسم بها واعتصر ، جاز . ولا يجوز في المخيض الذي يخالطه الماء ، نص عليه . وفي التتمة : أن المصل كالمخيض ؛ لأنه يخالطه الدقيق .
[ ص: 17 ] الرابع :
المختلطات خلقة ، كالشهد ، والأصح : صحة السلم فيه ، والشمع فيه كنوى التمر . ويجوز في العسل والشمع .
فرع
سبق أن ما يندر وجوده لا يجوز السلم فيه ، والشيء قد يندر من حيث جنسه ، كلحم الصيد في غير موضعه ، وقد يندر باستقصاء الأوصاف لندور اجتماعها ، فلا يجوز
السلم في اللآلئ الكبار ، واليواقيت ، والزبرجد ، والمرجان ، ويجوز في اللآلئ الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا .
قلت : هذا مخالف لما تقدم في الشرط الخامس عن إمام الحرمين : أن ما لا يعد الكيل فيه ضبطا ، لا يصح السلم فيه كيلا ، فكأنه اختار هنا ، ما تقدم من إطلاق الأصحاب . والله أعلم .
واختلف في ضبط الصغير ، فقيل : ما يطلب للتداوي ، صغير ، وما طلب للزينة ، كبير . وعن الشيخ
أبي محمد : أن ما وزنه سدس دينار ، يجوز السلم فيه ، وإن كان يطلب للتزين . والوجه : أن اعتباره السدس للتقريب .