فصل
وإذا حجر عليه ، استحب للحاكم أن يشهد عليه ، ليحذر الناس معاملته . وإذا حجر ، امتنع منه كل تصرف مبتدأ يصادف المال الموجود عند الحجر ، فهذه قيود . الأول : كون التصرف مصادفا للمال .
والتصرف ضربان . إنشاء ، وإقرار .
الأول : الإنشاء ، وهو قسمان . أحدهما :
يصادف المال ، وينقسم إلى تحصيل ، كالاحتطاب والاتهاب ، وقبول الوصية ، ولا منع منه قطعا ; لأنه كامل الحال . وغرض الحجر : منعه مما يضر الغرماء وإلى تفويت ، فينظر ، إن تعلق بما بعد الموت وهو التدبير والوصية ، صح ، فإن فضل المال ، نفذ ، وإلا ، فلا . وإن كان غير ذلك ، فإما أن يكون مورده عين مال ، وإما في الذمة ، فهما نوعان . الأول : كالبيع ، والهبة ، والرهن ، والإعتاق ، والكتابة ، وفيها قولان . أحدهما : أنها موقوفة ، إن فضل ما يصرف فيه عن الدين لارتفاع القيمة ، أو إبراء ، نفذناه ، وإلا ، فتبين أنه كان لغوا . وأظهرهما : لا يصح شيء منها ، لتعلق حق الغرماء بالأعيان ، كالرهن . ثم اختلف في محل القولين ، فقيل : هما فيما إذا اقتصر الحاكم على الحجر ، ولم يجعل ماله لغرمائه حيث وجدوه . فإن جعل ذلك لم ينفذ تصرفه قطعا ، واحتج هؤلاء بقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : إذا جعل ماله لغرمائه ، فلا
[ ص: 131 ] زكاة عليه وطردهما آخرون في الحالين ، وهو الأشهر ، قال هؤلاء : وتجب الزكاة على الأظهر ما دام ملكه باقيا ، والنص محمول على ما إذا باعه لهم . فإن نفذناه بعد الحجر ، وجب تأخير ما تصرف فيه ، وقضاء الدين من غيره ، فلعله يفضل ، فإن لم يفضل ، نقصنا من تصرفاته الأضعف فالأضعف ، والأضعف الرهن والهبة ، لخلوهما عن العوض ، ثم البيع ، ثم الكتابة ، ثم العتق ، قال الإمام : فلو لم يوجد راغب في أموال المفلس إلا في العبد المعتق ، فقال الغرماء : بيعوه ونجزوا حقنا ، ففيه احتمال . وغالب الظن أنهم يجابون .
قلت : هذا الذي ذكره من فسخ الأضعف فالأضعف ، هو الذي قطع به الأصحاب في جميع الطرق ، وحكاه صاحب المهذب عن الأصحاب . ثم قال : ويحتمل أن يفسخ الآخر فالآخر ، كما قلنا في تبرعات المريض إذا عجز عنها الثلث ، والمختار ما قاله الأصحاب . فعلى هذا ، لو كان وقف وعتق ، ففي الشامل أن العتق يفسخ ، ثم الوقف . وقال صاحب البيان : ينبغي أن يفسخ الوقف أولا ; لأن العتق له قوة وسراية ، وهذا أصح . ولو تعارض الرهن والهبة ، فسخ الرهن ; لأنه لا يملك به العين . والله أعلم .
وهذا الذي ذكرناه في بيعه لغير الغرماء ، فإن باعهم ، فسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
النوع الثاني : ما يرد على الذمة بأن اشترى في الذمة ، أو باع طعاما سلما ، فيصح ويثبت في ذمته . وفي قول شاذ : لا يصح .
القسم الثاني :
ما لا يصادف المال ، فلا منع منه ، كالنكاح ، والطلاق ، والخلع ، واستيفاء القصاص ، والعفو عنه ، واستلحاق النسب ، ونفيه باللعان .