الضرب الثاني : الصفة المحضة . فإذا اشترى حنطة فطحنها ، أو ثوبا فقصره ، أو خاطه بخيوط من نفس الثوب ، ثم فلس ، فللبائع الرجوع فيه . ثم إن لم تزد قيمته ، فلا شركة للمفلس ، وإن نقصت ، فلا شيء للبائع غيره ، وإن زادت ، فقولان . أحدهما : أن هذه الزيادة أثر ، ولا شركة للمفلس ؛ لأنها صفات تابعة ، كسمن الدابة بالعلف ، وكبر الودي بالسقي . وأظهرهما : أنها عين ، والمفلس شريك بها ؛ لأنها زيادة بفعل محترم متقوم ، ويجري القولان ، فيما لو اشترى دقيقا فخبزه ، أو لحما فشواه ، أو شاة فذبحها ، أو أرضا فضرب من ترابها لبنا أو عرصة ، وآلات البناء فبنى بها دارا . أما تعليم العبد القرآن ، والحرفة ، والكتابة ، والشعر المباح ، ورياضة الدابة ، فالأصح أنها على القولين . وقيل : هي أثر قطعا ، كالسمن . وضبط صور القولين ، أن يصنع به ما يجوز الاستئجار عليه ، فيظهر به أثر فيه . وإنما اعتبرنا الأثر ؛ لأن حفظ الدابة وسياستها ، يجوز الاستئجار عليه ، ولا تثبت به مشاركة للمفلس ؛ لأنه لا يظهر بسببه أثر على الدابة . فإن قلنا : أثر ، أخذ البائع المبيع بزيادته . وإن قلنا : عين ، بيع وللمفلس بنسبة ما زاد في قيمته .
مثاله ، قيمة الثوب خمسة ، وبلغ بالقصارة ستة ، فللمفلس سدس الثمن . فلو ارتفعت القيمة ، [ ص: 171 ] أو انخفضت بالسوق ، فالزيادة والنقص بينهما على هذه النسبة . فلو ارتفعت قيمة الثوب دون القصارة ، بأن صار مثل ذلك الثوب يساوي غير مقصور ستة ، ومقصورا سبعة ، فللمفلس سبع الثمن فقط . فلو زادت قيمة القصارة دون الثوب ، بأن كان مثل هذا الثوب يساوي مقصورا سبعة ، وغير مقصور خمسة ، فللمفلس سبعان من الثمن . وعلى هذا القياس . ويجوز للبائع أن يمسك المبيع ، ويمنع من بيعه ، ويبذل للمفلس حصة الزيادة ، كذا نقل في " التهذيب " وغيره ، كما تبذل قيمة البناء والغراس . ومنعه في " التتمة " لأن الصفة لا تقابل بعوض .
قلت : الأصح : نقل صاحبا " التهذيب " ، وبه قطع صاحب " الشامل " و " البيان " . وقال صاحب " الحاوي " : ولا يسلم هذا الثوب إلى البائع ، ولا المفلس ، ولا الغرماء ، بل يوضع عند عدل حتى يباع كالجارية الحامل . - والله أعلم - .
التالي
السابق