فرع
الصلح يخالف البيع في صور :
إحداها : المسألة السابقة ، وهي إذا
صالح صلح الحطيطة بلفظ الصلح ، فإنه يصح على الأصح . ولو كان بلفظ البيع ، لم يصح قطعا .
الثانية : لو
قال من غير سبق خصومة : بعني دارك بكذا فباع صح . ولو قال والحالة هذه : صالحني عن دارك هذه بألف ، لم يصح على الأصح ؛ لأن لفظ الصلح لا يطلق إلا إذا سبقت خصومة ، وكأن هذا الخلاف فيما لو استعملا لفظ الصلح بلا نية . فلو استعملاه ونويا البيع ، كان كناية بلا شك ، وجرى فيه الخلاف في انعقاد البيع بالكناية .
الثالثة : لو
صالح عن القصاص ، صح ولا مدخل للفظ البيع فيه .
الرابعة : قال صاحب " التلخيص "
لو صالحنا أهل الحرب من أموالهم على شيء نأخذه منهم ، جاز ولا يقوم مقامه البيع ، واعترض عليه
القفال ، بأن تلك المصالحة ليست مصالحة عن أموالهم وإنما نصالحهم ونأخذ منهم للكف عن دمائهم وأموالهم ، وهذا صحيح ، ولكن لا يمنع مخالفة اللفظين ، فإن لفظ البيع لا يجري في أمثال تلك المصالحات .
الخامسة : قال صاحب " التلخيص " لو
صالح من أرش الموضحة على شيء [ ص: 195 ] معلوم ، جاز إذا علما قدر أرشها . ولو باع لم يجز وخالفه الجمهور في افتراق اللفظين ، وقالوا : إن كان الأرش مجهولا كالحكومة التي لم تقدر ولم تضبط ، لم يصح الصلح عنه ولا بيعه . وإن كان معلوم القدر والصفة كالدراهم إذا ضبطت ، صح الصلح عنها ، وصح بيعها ممن هي عليه . وإن كان معلوم القدر دون الصفة ، على الوجه المعتبر في السلم ، كالإبل الواجبة في الدية ، ففي جواز الاعتياض عنها بلفظ الصلح وبلفظ البيع جميعا وجهان . ويقال : قولان . أحدهما : يصح كمن اشترى عينا لم يعرف صفتها . وأصحهما : المنع كما لو أسلم في شيء لم يصفه ، هذا في الجراحة التي لا توجب القود ، فإن أوجبته في النفس ، أو فيما دونها ، فالصلح عنها مبني على أن موجب العمد ماذا ؟ وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى .