النوع الثاني :
الصلح عن الإنكار ، فينظر ، إن جرى على غير المدعى ، فهو باطل .
وصورة الصلح على الإنكار ، أن يدعي عليه دارا مثلا ، فينكر ، ثم يتصالحا على ثوب أو دين ، ولا يكون طلب الصلح منه إقرارا ؛ لأنه ربما يريد قطع الخصومة ، هذا إذا قال : صالحني مطلقا ، أو صالحني عن دعواك . بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الإقرار أيضا ؛ لأن مجرد الدعوى لا يعتاض عنه . ولو
قال بعد الإنكار : صالحني عن الدار التي ادعيتها ، فهل يكون إقرارا ، كما لو قال : ملكني ، أم لا ، لاحتمال قطع الخصومة ؟ وجهان . أصحهما : الثاني . فعلى هذا ، يكون الصلح بعد هذا الالتماس صلح إنكار . ولو قال : بعنيها ، أو هبها لي ، فالصحيح أنه إقرار . لأنه صريح في التماس التمليك . وقال الشيخ
أبو حامد : هو كقوله : صالحني . ومثله : لو كان النزاع في جارية ، فقال : زوجنيها . ولو قال : أعرني أو أجرني فأولى بأن لا يكون إقرارا . ولو كان النزاع في دين ، فقال : أبرئني ، فهو إقرار . ولو أبرأ المدعي المدعى عليه وهو منكر ، وقلنا : لا يفتقر الإبراء إلى القبول صح ؛ لأنه مستقل به ، فلا حاجة إلى تصديق الغريم ، بخلاف الصلح . ولهذا لو أبرأه بعد التحليف صح ، ولو تصالحا بعد التحليف لم يصح .