القسم الثاني من الباب : في
الصلح الجاري بين المدعي وأجنبي ، وله حالان :
الأول : مع
إقرار المدعى عليه . فإن كان المدعى عينا ، وقال الأجنبي : إن المدعى عليه وكلني في مصالحتك له على نصف المدعى ، أو على هذا العبد من ماله ، فتصالحا عليه ، صح . وكذا لو قال : وكلني في مصالحتك عنه على عشرة في ذمته . ثم إن كان صادقا في الوكالة ، صار المدعى ملكا للمدعى عليه ، وإلا فهو شراء
[ ص: 200 ] الفضول ، وقد سبق بيانه وتفريعه . وإن قال : أمرني بالمصالحة عنه على هذا العبد من مالي ، فصالحه عليه ، فهو كما لو اشترى لغيره بمال نفسه بإذن ذلك الغير ، وقد سبق خلاف في صحته ، وأنه إذا صح ، هل هو هبة ، أو قرض ؟ ولو
صالح الأجنبي لنفسه بعين ماله ، أو بدين في ذمته ، صح له ، كما لو اشتراه . وقيل : وجهان ، كما لو قال لغيره من غير سبق دعوى : صالحني من دارك على ألف ؛ لأنه لم يجر مع الأجنبي خصومة . والمذهب : الصحة ؛ لأن الصلح ترتب على دعوى وجواب . أما
إذا كان المدعى دينا ، وقال : وكلني المدعى عليه بمصالحتك على نصفه ، أو على هذا الثوب من ماله ، فصالحه ، صح . ولو قال : على هذا الثوب ، وهو ملكي ، فوجهان . أحدهما : لا يصح ؛ لأنه بيع شيء بدين غيره . والثاني : يصح ، ويسقط الدين كمن ضمن دينا وأداه .
قلت : الأول : أصح . - والله أعلم - .
ولو صالح لنفسه على عين أو دين في ذمته ، فهو ابتياع دين في ذمة الغير ، وسبق بيانه في موضعه .
قلت : لو
قال : صالحني عن الألف الذي لك على فلان على خمسمائة صح ، سواء كان بإذنه أم لا ؛ لأن قضاء دين غيره بغير إذنه جائز . - والله أعلم - .