فصل
الضمان في مرض الموت ، إذا كان بحيث يثبت الرجوع ، ووجد الضامن مرجعا ، فهو محسوب من رأس المال . وإن لم يثبت الرجوع ، أو لم يجد مرجعا لموت الأصيل معسرا ، فمن الثلث . ومتى وفت تركة الأصيل بثلثي الدين ، فلا دور ؛ لأن صاحب الحق إن أخذه من ورثة الضامن ، رجعوا بثلثيه في تركة الأصيل . وإن أخذ تركة
[ ص: 273 ] الأصيل وبقي شيء ، أخذه من تركة الضامن ويقع تبرعا ؛ لأن ورثة الضامن لا يجدون مرجعا . وإن لم تف التركة بالثلثين ، فقد يقع الدور ، كمريض ضمن تسعين ، ومات وليس له إلا تسعون ، ومات الأصيل وليس له إلا خمسة وأربعون ، فرب المال بالخيار ، إن شاء أخذ تركة الأصيل كلها ولا دور حينئذ ، ويطالب ورثة الضامن بثلاثين ، ويقع تبرعا إذ لم يبق للأصيل تركة يرجع فيها ، وإن أراد الأخذ من تركة الضامن ، لزم الدور ؛ لأن ما يغرمه ورثة الضامن ، يرجع إليهم بعضه ؛ لأن المغروم صار دينا لهم على الأصيل ، فيتضاربون به مع رب المال في تركة الأصيل ، ويلزم من رجوع بعضه زيادة التركة ومن زيادة التركة زيادة المغروم ، ومن زيادة المغروم زيادة الراجع . وطريق استخراجه أن يقال : يأخذ رب المال من ورثة الضامن شيئا ، ويرجع إليهم مثل نصفه ؛ لأن تركة الأصيل نصف تركة الضامن ، فيبقى عندهم تسعون إلا نصف شيء ، وهو يعدل مثلي ما تلف بالضمان ، والتالف نصف شيء ، ومثلا شيء ، فإذا تسعون إلا نصف شيء يعدل شيئا . وإذا جبرنا وقابلنا ، عدلت تسعون شيئا ونصفا فيكون الشيء ستين ، فبان أن المأخوذ ستون ، وحينئذ يكون الستون دينا لهم على الأصيل ، وقد بقي لرب المال ثلاثون ، فيتضاربون في تركته بسهمين وسهم ، وتركته خمسة وأربعون ، يأخذ منها الورثة ثلاثين ، ورب الدين خمسة عشر ، ويتعطل باقي دينه وهو خمسة عشر ، ويكون الحاصل للورثة ستين ، ثلاثين بقيت عندهم ، وثلاثين أخذوها من تركة الأصيل ، وذلك مثلا ما تلف ووقع تبرعا ، وهو ثلاثون . ولو كانت المسألة بحالها ، لكن تركة الأصيل ثلاثون ، فيأخذ رب الدين شيئا ، ويرجع إلى ورثة الضامن مثل ثلثه ؛ لأن تركة الأصيل ثلث تركة الضامن ، فيبقى عندهم تسعون ناقصة ثلثي شيء تعدل
[ ص: 274 ] مثلي التالف بالضمان ، وهو ثلثا شيء ، فمثلاه شيء وثلث . فإذن تسعون إلا ثلث شيء يعدل شيئا وثلثا ، فإذا جبرنا وقابلنا ، عدلت تسعون شيئين فيكون الشيء خمسة وأربعين ، وذلك ما أخذه رب الدين ، وصار دينا لورثة الضامن على الأصيل ، وبقي لرب الدين عليه خمسة وأربعون أيضا ، فيتضاربون في تركته بسهم وسهم ، فتجعل بينهما مناصفة . ولو كانت تركة الأصيل ستين ، فلا دور ، بل لرب الدين أخذ تركة الضامن كلها ، ثم هم يأخذون تركة الأصيل كلها بحق الرجوع ، ويقع الباقي تبرعا .
قلت : وهذه مسائل منثورة ، تتعلق بالضمان . وترك بياضا في الأصل .