[ ص: 301 ] الركن الرابع :
الصيغة . فيه مسائل .
الأولى : لا بد من جهة الموكل من لفظ دال على الرضى ، كقوله : وكلتك في كذا ، أو فوضته إليك ، أو أنبتك فيه ، وما أشبهه . ومثله : بع أو أعتق ونحوهما . وأما القبول ، فيطلق بمعنيين . أحدهما : الرضى والرغبة فيما فوض إليه ، ونقيضه الرد . والثاني : اللفظ الدال عليه على النحو المعتبر في البيع وسائر المعاملات . ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الأول . حتى لو رد فقال : لا أقبل ، أو لا أفعل ، بطلت الوكالة . فلو رد ثم ندم ، وأراد أن يفعل ، لم يجز ، بل لا بد من إذن جديد ؛ لأن الوكالة جائزة ، ترتفع في الدوام بالفسخ ، فارتدادها بالرد في الابتداء أولى . وأما المعنى الثاني وهو القبول لفظا ، ففيه أوجه . أصحها : لا يشترط . والثاني : يشترط . والثالث : إن أتى بصيغة عقد ، كـ : وكلتك ، وفوضت إليك ، اشترط . وإن أتى بصيغة أمر ، نحو : بع ، واشتر ، لم يشترط . فإن شرطنا القبول لفظا ، فهل يشترط على الفور كالبيع ، أم في المجلس وإن طال ؟ أم يجوز أبدا وإن فارق المجلس ، كالوصية ؟ فيه أوجه ، الصحيح : الثالث . وأما القبول بالمعنى الأول ، فلا يشترط فيه التعجيل بحال بلا خلاف . وإذا لم نشرط القبول ، فوكله ، والوكيل لا يعلم ، ثبتت وكالته على الأصح . فعلى هذا لو تصرف الوكيل قبل العلم بالوكالة ، ثم بان وكيلا ، ففي صحة تصرفه الخلاف السابق فيمن باع مال أبيه يظنه حيا ، فبان ميتا . وإن لم نثبت الوكالة ، فهل نحكم بنفوذها حالة بلوغ الخبر ؟ وجهان .
فرع
حيث لا نشترط القبول ، تكفي الكتابة والرسالة ، ونجعله مأذونا في التصرف . وحيث شرطنا ، فحكمه كما لو كتب بالبيع ، وقطع
الروياني في الوكالة بالجواز .
[ ص: 302 ] قلت : قطع
الماوردي أيضا ، وكثيرون بالجواز وهو الصواب . - والله أعلم - .
فرع
إذا شرطنا القبول ، فقال : وكلني في كذا ، فقال : وكلتك ، فهل يكفي ، أم لا بد من قبول بعده ؟ فيه الخلاف السابق في البيع ونحوه . ثم قيل : الوكالة أحوج إلى الاشتراط ؛ لأنها ضعيفة ، ولو قيل : عكسه ؛ لأن الوكالة يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع ، لكان أقرب .