الباب الثاني في أحكام الوكالة الصحيحة
وهي أربعة .
الأول : صحة تصرف الوكيل إذا وافق ، والموافقة والمخالفة تعرفان بالنظر
[ ص: 304 ] إلى اللفظ تارة ، وبالقرائن أخرى . فإن القرينة قد تقوى ، فيترك لها إطلاق اللفظ . ولهذا لو أمره في الصيف بشراء الجمد ، لا يشتريه في الشتاء . وقد يتعادل اللفظ والقرينة ، ويحصل من تعادلهما خلاف في المسألة . وهذا القول الجملي نوضحه بصور تعرف بها أخواتها .
إحداها : وكله في بيع شيء وأطلق ، لا يصح بيعه بغير نقد البلد ، ولا بثمن مؤجل ، ولا بغبن فاحش على المشهور . وفي قول : يصح كل ذلك موقوفا على إجازة الموكل ، وهذا هو القول المنقول في بيع الفضولي ، والصواب : الأول ، وعليه التفريع . فلو كان في البلد نقدان ، لزمه البيع بأغلبهما . فإن استويا في المعاملة ، باع بأنفعهما للموكل . فإن استويا ، تخير فيهما على الصحيح . وفي وجه : لا يصح التوكيل حتى يبين . ثم إذا باع الوكيل على أحد الأوصاف الممنوعة ، لم يصر ضامنا للمبيع ما لم يسلمه إلى المشتري . فإذا سلم ، ضمن . ثم القول فيه إذا كان المبيع باقيا ، أو تالفا . وفي كيفية تغريم الموكل الوكيل والمشتري على ما بيناه فيما إذا باع العدل الرهن بغبن فاحش أو بغير نقد البلد ، أو بنسيئة . فأما بيع الوكيل بغبن يسير ، فجائز . واليسير هو الذي يتغابن الناس به ويحتملونه غالبا . وبيع ما يساوي عشرة بتسعة ، متحمل . وبثمانية غير متحمل قال
الروياني : ويختلف القدر المتحمل باختلاف أجناس الثياب من الثياب والعبيد والعقار وغيرها .
فرع
لا يجوز للوكيل أن يقتص على البيع بثمن المثل وهناك طالب بزيادة . فلو باع
[ ص: 305 ] بثمن المثل ، ثم حضر المجلس طالب بزيادة ، فالحكم على ما سبق في عدل الرهن .
فرع
لو
قال الموكل : بعه بكم شئت ، فله البيع بالغبن الفاحش ، ولا يجوز بالنسيئة ، ولا بغير نقد البلد . ولو قال : بما شئت ، فله البيع بغير النقد ، ولا يجوز بالغبن ، ولا بالنسيئة . ولو قال : كيف شئت ، فله البيع بالنسيئة . ولا يجوز بالغبن ، ولا بغير نقد البلد ، وعن
القاضي حسين ، جواز الجميع . ولو
قال : بعه بما عز وهان ، قال في " التتمة " : هو كقوله : بكم شئت . وقال
العبادي : له البيع بالعرض والغبن ، ولا يجوز بالنسيئة ، وهو الأولى .