التاسعة :
قال لرجل : بع عبدك لفلان بألف ، وأنا أدفعه إليك ، فباعه له ، قال
ابن سريج : يستحق البائع الألف على الآمر دون المشتري . فإذا غرم الآمر ، رجع على المشتري .
قلت : هذا كله مشكل مخالف للقواعد من وجهين ، وهما لزوم الألف للآمر ، ورجوعه بها بغير إذن المشتري . ومن قضى دين غيره بلا إذن ، لا يرجع قطعا كما سبق في الضمان . وقد قال أصحابنا : لو قال : بع عبدك لفلان بألف علي ، لم يصح التزامه . فالصواب : أنه لا يلزم الآمر شيء ؛ لأنه ضمان ما لم يجب ، ولا جرى سبب وجوبه . ثم رأيت صاحب " الحاوي " رحمه الله ، أوضح المسألة فقال : لو قال لرجل : بع عبدك هذا على زيد بألف درهم ، وهي علي دونه ، فله حالان :
أحدهما : أن يكون هذا الآمر هو المتولي للعقد ، فيصح ويكون مشتريا لغيره بثمن في ذمته ، فيعتبر حال زيد المشتري له . فإن كان موليا عليه ، أو أذن فيه ، كان الشراء له ، والثمن على العاقد الضامن . وإن كان غير مولى عليه ، ولا أذن ، كان المشترى للعاقد ، يعني على الأصح فيما لو قال : اشتره لزيد ، وليس وكيلا له ، وعلى وجه : بيعه باطل .
الحال الثاني : أن يكون زيد هو العاقد ، فوجهان :
أحدهما : يصح ويكون العبد لزيد بلا ثمن ، والثمن على الضامن الآمر ، قاله
ابن سريج . والثاني - قال : وهو الصحيح - : أن البيع باطل ؛ لأن عقد البيع ما أوجب تمليك المبيع عوضا على المالك ، وهذا مفقود هنا ، فيبطل . فعلى هذا ، لو قال : بع عبدك على زيد بألف درهم ، وخمسمائة علي ، ففعل ، فعند
ابن سريج : العقد صحيح ، وعلى المشتري
[ ص: 335 ] ألف ، وعلى الآمر خمسمائة ، وعلى الصحيح : العقد باطل ، هذا كلام صاحب " الحاوي " وهو واضح حسن . وعجب من الإمام
الرافعي ، اقتصاره على ما حكاه عن
ابن سريج ، وإهماله بيان المذهب الصحيح . ثم حكايته عن
ابن سريج مخالفة في الرجوع ما ذكرنا . والله أعلم .