الضرب الرابع : درهم . قد ذكرنا في الزكاة أن دراهم الإسلام المعتبر بها نصب الزكاة والديات وغيرها ، كل عشرة منها سبعة مثاقيل ، وكل درهم ستة دوانيق . ونزيد الآن ، أن الدانق : ثماني حبات وخمسا حبة ، فيكون الدرهم خمسين حبة وخمسي حبة ، والمراد : حبة الشعير المتوسطة التي لم تقشر ، لكن قطع من طرفيها ما دق وطال ، والدينار : اثنان وسبعون حبة منها ، هكذا نقل عن رواية
أبي القاسم بن سلام ، وحكاه
الخطابي عن
ابن سريج . وفي الحلية
للروياني ، أن الدانق ثماني حبات ، فيكون الدرهم ثماني وأربعين حبة . فإذا
قال : له علي درهم ، أو ألف درهم ثم قال : هي ناقصة ، نظر ، إن كان في بلد دراهمه تامة ، وذكره متصلا ، قبل على المذهب ، كما لو استثنى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13131ابن خيران : في قبوله قولان بناء على تبعيض الإقرار . وإن كان ذكره منفصلا ، لم يقبل ، ولزمه دراهم الإسلام ، إلا أن يصدقه المقر له ؛ لأن لفظ الدرهم صريح فيه وضعا وعرفا . واختار
الروياني أنه يقبل ؛ لأن اللفظ يحتمله ، والأصل براءة ذمته ، وحكاه عن جماعة من الأصحاب ، وهو شاذ . وإن كان في بلد دراهمه ناقصة ، قبل إن ذكره متصلا قطعا ، وكذا إن ذكره منفصلا على الأصح المنصوص . ويجري هذا الخلاف ، فيمن أقر
[ ص: 379 ] في بلد وزن دراهمه أكثر من دراهم الإسلام ، مثل غزنة ، هل يحمل على دراهم البلد ، أو الإسلام ؟ فإن قلنا بالأول ، فقال : عنيت دراهم الإسلام ، منفصلا ، لم يقبل . وإن كان متصلا ، فعلى الطريقين .
والمذهب : القبول .
فرع
الدرهم عند الإطلاق ، إنما يستعمل في النقرة . فلو
أقر بدراهم ، وفسرها بفلوس ، لم يقبل ، وإن فسرها بمغشوشة ، فكالتفسير بالناقصة ؛ لأن نقرتها تنقص عن التامة ، فيعود فيه التفصيل في الناقصة . ولو فسر بجنس رديء من الفضة ، أو قال : أردت من سكة كذا ، وهي جارية في ذلك البلد ، قبل ، كما لو قال :
له علي ثوب ، ثم فسره برديء ، أو بما لا يعتاد أهل البلد لبسه ، بخلاف ما لو فسر بناقصة ؛ لأنه يرفع شيئا مما أقر به ، ويخالف البيع ، فإنه يحمل على سكة البلد ؛ لأنه إنشاء معاملة .
والغالب أن المعاملة في كل بلد بما يروج فيه . والإقرار إخبار عن حق سابق ، وربما ثبت في ذمته ببلد آخر ، فوجب قبول تفسيره . وقال
المزني : لا يقبل تفسيره بغير سكة البلد ، ووافقه غيره من أصحابنا .
فرع
إذا
قال : له علي درهم أو دريهمات ، أو درهم صغير ، أو دراهم صغار ، ففيه اختلاف كثير .
والأصح : أنه كقوله : درهم أو دراهم ، فيعود في تفسيره بالنقص التفصيل السابق ، وليس التقييد بالصغير كالتقييد بالنقصان ؛ لأن لفظ الدراهم صريح
[ ص: 380 ] في الوزن ، والوصف بالصغير يجوز أن يكون في الشكل ، ويجوز بالإضافة إلى غيرها . وقال الشيخ
أبو حامد ومن تابعه : يلزمه من الدراهم الطبرية ، وهي أربعة دوانيق . ولم يفرقوا بين بلد وبلد ؛ لأن ذلك المتيقن . ولو قال : درهم كبير ، فالمذهب : أنه كقوله : درهم . وقال
البغوي : إن كان في بلد أوزانهم ناقصة أو تامة ، لزمه درهم الإسلام . وإن كانت أوزانهم زائدة ، لزمه من نقد البلد . وفي إلزامه نقد البلد إشكال .
فرع
إذا قال : علي دراهم ، لزمه ثلاثة ، ولا يقبل تفسيره بأقل منها . ولو قال : دراهم عظيمة ، أو كثيرة ، فثلاثة ، ويجيء فيه الوجه السابق في " مال عظيم " . ولو
قال : علي أقل أعداد الدراهم ، لزمه درهمان . ولو قال : مائة درهم عدد ، لزمه مائة درهم بوزن الإسلام صحاح . قال في " التهذيب " : ولا يشترط أن يكون كل واحد ستة دوانيق ، وكذلك في البيع . ولا يقبل مائة بالعدد ناقصة الوزن ، إلا أن يكون نقد البلد عددية ناقصة ، فظاهر المذهب القبول . ولو
قال : علي مائة عدد من الدراهم ، اعتبر العدد دون الوزن .