فصل
تعجيل الصلاة في أول الوقت أفضل ، وفيما يحصل به فضيلة أوله أوجه :
أصحها : يحصل بأن يشتغل أول دخول الوقت بأسباب الصلاة ، كالطهارة والأذان وغيرهما ، ثم يصلي . ولا يشترط على هذا تقديم ستر العورة ، على الأصح . وشرطه
[ ص: 184 ] أبو محمد . ولا يضر الشغل الخفيف ، كأكل لقم ، وكلام قصير . ولا يكلف العجلة على خلاف العادة .
والوجه الثاني : يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت . كذا أطلقه جماعة . وقال آخرون : إلى نصف وقت الاختيار . والثالث : لا يحصل إلا إذا قدم قبل الوقت ما يمكنه تقديمه من الأسباب ، لتنطبق الصلاة على أول الوقت . وعلى هذا قيل : لا ينال المتيمم فضيلة الأولية .
قلت : هذا الوجه الثالث ، غلط صريح . مخالف للسنة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والصواب : الأول . والله أعلم .
وهذا المذكور من فضيلة التعجيل هو في
الصبح والعصر والمغرب على الإطلاق .
وأما
العشاء فتعجيلها أيضا أفضل على الأظهر . وعلى الثاني : تأخيرها أفضل ، ما لم يجاوز وقت الاختيار ، وأما
الظهر ، فيستحب فيها التعجيل ، في غير شدة الحر بلا خلاف .
وفي شدة الحر ، يستحب الإبراد على الصحيح المعروف .
وفيه وجه شاذ : أن
الإبراد رخصة . وأنه لو تحمل المشقة ، وصلى في أول الوقت ، كان أفضل .
والصواب : أن الإبراد سنة . وهو : أن يؤخر إقامة الجماعة عن أول الوقت في المسجد الذي يأتيه الناس من بعد ، بقدر ما يقطع للحيطان ظل يمشي فيه طالب الجماعة . ولا يؤخر عن النصف الأول من الوقت . فلو قربت منازلهم من المسجد ، أو حضر جماعة في موضع لا يأتيهم غيرهم ، لا يبردون على الأظهر .
وكذا لو أمكنه المشي إلى المسجد في ظل ، أو صلى في بيته منفردا فلا إبراد على الأصح . ويختص باستحباب الإبراد بالبلاد الحارة على الأصح المنصوص ،
ولا تلحق الجمعة بالظهر ، في الإبراد على الأصح .