[ ص: 185 ] فصل
إذا
اشتبه عليه وقت صلاة لغيم ، أو حبس في مظلم ، أو غيرهما ، اجتهد فيه ، واستدل بالدرس والأعمال والأوراد وشبهها . ومن الأمارات صياح الديك المجرب إصابة صياحه الوقت .
وكذا أذان المؤذنين في يوم الغيم إذا كثروا ، وغلب على الظن - لكثرتهم - أنهم لا يخطئون . والأعمى يجتهد في الوقت كالبصير . وإنما يجتهدان ، إذا لم يخبرهما ثقة بدخول الوقت عن مشاهدة . فلو قال : رأيت الفجر طالعا ، أو الشفق غاربا ، لم يجز الاجتهاد ، ووجب قبول قوله .
فإن أخبر عن اجتهاد ، لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده ، ويجوز للأعمى على الأصح . والمؤذن الثقة العالم بالمواقيت في يوم الصحو كالمخبر عن مشاهدة وفي الغيم كالمجتهد .
وحكى في ( التهذيب ) وجهين في تقليد المؤذن ، من غير فرق بين البصير والأعمى . وقال الأصح الجواز . وذهب إليه
ابن سريج . والتفصيل المتقدم أقرب واختاره
الروياني وغيره .
قلت : الأصح ، ما صححه صاحب ( التهذيب ) . وقد نقله عن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ أبو حامد . وصححه
البندنيجي وصاحب ( العدة ) وغيرهم . والله أعلم .
وحيث لزم الاجتهاد فصلى بلا اجتهاد وجبت الإعادة وإن صادف الوقت . وإذا لم تكن دلالة ، أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء ، صبر إلى أن يغلب على قلبه دخول الوقت . والاحتياط : أن يؤخر إلى أن يغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت ، وإذا قدر على الصبر إلى استيقان دخول الوقت ، جاز الاجتهاد على الصحيح كالأواني .
[ ص: 186 ] قلت : لو علم المنجم دخول الوقت بالحساب . حكى صاحب ( البيان ) أن المذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره . والله أعلم .
فرع
حيث جاز الاجتهاد فصلى به إن لم يتبين الحال فلا شيء عليه . وإن
بان وقوع صلاته في الوقت أو بعده ، فلا قضاء عليه . لكن الواقعة بعده قضاء على الأصح . فلو كان مسافرا وقصرها وجب إعادتها تامة . إذا قلنا : لا يجوز قصر القضاء . وإن بان وقوعها قبل الوقت وأدركه وجبت الإعادة ، وإلا فقولان :
المشهور وجوبها ومثل هذا الخلاف والتفصيل يجري فيمن اشتبه عليه شهر رمضان .
قلت : قال أصحابنا : لو أخبره ثقة أن صلاته وقعت قبل الوقت ، إن أخبره عن علم ومشاهدة وجبت الإعادة ، وإن أخبره عن اجتهاد فلا . والله أعلم .