[ ص: 192 ] فصل
في الأوقات المكروهة .
وهي خمسة :
أحدها :
عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح على الصحيح .
وعلى الشاذ : تزول الكراهة ، بطلوع قرص الشمس بتمامه .
والثاني :
استواء الشمس .
والثالث :
عند الاصفرار حتى يتم غروبها .
والرابع :
بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس .
والخامس :
بعد العصر حتى تغرب .
وفي هذين الوقتين إذا قدم الصبح والعصر في أول الوقت ، طال وقت الكراهة ، وإذا أخرهما قصر . هذا هو المعروف لأكثر الأصحاب : أن الأوقات خمسة كما ذكرنا ، وفي الصبح وجهان آخران :
أحدهما :
تكره الصلاة بعد طلوع الفجر ، سوى ركعتي سنة الصبح . سواء صلى الصبح وسنتها أم لا .
قال صاحب ( الشامل ) هذا الوجه : هو ظاهر المذهب . وقطع به صاحب ( التتمة ) والثاني : يكره ذلك لمن صلى السنة ، وإن لم يصل الفريضة . والصحيح : ما سبق وهو الموافق لكلام الجمهور .
فرع :
النهي والكراهة في هذه الأوقات ، إنما هو في صلاة ليس لها سبب ، فأما ما لها سبب فلا كراهة . والمراد بقولهم : صلاة لها سبب ، أي : سبب متقدم على هذه
[ ص: 193 ] الأوقات ، أو مقارن لها ، والتي لا سبب لها هي التي ليس لها سبب متقدم ولا مقارن .
وقد يفسر قولهم : لا سبب لها ، بأن الشارع لم يخصها بوضع وشرعية ، بل هي التي يأتي بها الإنسان ابتداء . فمن ذوات الأسباب الفائتة ، فإنه يجوز في هذه الأوقات ، قضاء الفرائض ، والسنن ، والنوافل التي اتخذها الإنسان وردا له .
وتجوز صلاة الجنازة وسجود التلاوة وسجود الشكر وركعتا الطواف وصلاة الكسوف . ولو تطهر في هذه الأوقات صلى ركعتين . ولا تكره صلاة الاستسقاء فيها على الأصح .
وعلى الثاني : تكره كصلاة الاستخارة . وقد يمنع الأول الكراهة في صلاة الاستخارة . ويكره ركعتا الإحرام على الأصح .
وأما تحية المسجد ، فإن اتفق دخوله لغرض ، كاعتكاف أو درس علم أو انتظار صلاة ونحو ذلك لم تكره . وإن دخل لا لحاجة ، بل ليصلي التحية فقط ، فوجهان :
أقيسهما : الكراهة . كما لو أخر الفائتة ليقضيها في هذه الأوقات . ومن الأصحاب ، من لم يفصل ، ويجعل في التحية وجهين على الإطلاق . وينسب القول بالكراهة إلى أبي عبد الله الزبيري .
قلت : هذه الطريقة غلط . والله أعلم .
ولو
فاتته راتبة أو نافلة اتخذها وردا فقضاها في هذه الأوقات ، فهل له المداومة على مثلها في وقت الكراهة ؟ وجهان :
أحدهما : نعم ، للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاته ركعتا الظهر ، فقضاهما بعد العصر وداوم عليهما بعد العصر . وأصحهما :
لا ، وتلك الصلاة من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم .