فصل
إذا
خلط المغصوب بغيره ، فقد يتعذر التمييز بينهما ، وقد لا . وإذا تعذر ، فقد يكون ذلك الغير من جنسه ، وقد لا . فإن كان كالزيت بالزيت . والحنطة بالحنطة ، نظر ، فإن خلطه بأجود من المغصوب أو مثله ، أو أردأ منه ، فالمذهب النص أنه كالهالك حتى يتمكن الغاصب من أن يعطيه قدر حقه من غير المخلوط . وقيل : قولان . أحدهما : هذا . والثاني : يشتركان في المخلوط ، ويرجع في قدر حقه من نفس المخلوط . وقيل : إن خلط بالمثل ، اشتركا ، وإلا فكالهالك . فإن قلنا : كالهالك ، فللغاصب دفع المثل من غير المخلوط ، وله دفعه منه إذا خلطه بالأجود أو بالمثل ، وليس له دفع قدر حقه من المخلوط بالأردأ ، إلا أن يرضى المالك . وإذا رضي ، فلا أرش له كما إذا أخذ الرديء من موضع آخر . وإن قلنا بالشركة ، فإن خلط بالمثل ، فقدر زيته من المخلوط له . وإن خلط بالأجود ، بأن خلط صاعا قيمته درهم ، بصاع قيمته درهمان ، نظر ، إن أعطاه صاعا من المخلوط أجبر المالك على قبوله ، وإلا
[ ص: 53 ] فيباع المخلوط ويقسم الثمن بينهما أثلاثا ، فإن أراد قسمة عين الزيت على نسبة القيمة ، فالمشهور : أنه لا يجوز ، وفي قول رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي : يجوز ، وفي وجه : يكلف الغاصب تسليم صاع من المخلوط ، لأن اكتساب المغصوب صفة الجودة بالخلط ، كزيادة متصلة . وإن خلط بالأردأ بأن خلط صاعا [ قيمته درهمان بصاع ] قيمته درهم ، أخذ المغصوب منه صاعا من المخلوط مع أرش النقص ، لأن الغاصب متعد بالخلط ، بخلاف المفلس إذا خلط بالأردإ ، فإن البائع إذا رجع بصاع من المخلوط لا أرش له ، لعدم التعدي ، فإن اتفقا على بيع المخلوط وقسمة الثمن أثلاثا جاز ، وإن أراد قسمة الزيت على نسبة القيمتين ، فقيل : هو على الخلاف في طرق الأجود ، وقيل : بالمنع قطعا .
فرع
خلط الخل بالخل واللبن باللبن ، كخلط الزيت بالزيت . وإن خلط الدقيق بالدقيق ، فإن قلنا : هو مثلي ، فكالزيت بالزيت . وإن قلنا : متقوم ، فإن قلنا : المختلط هالك ، فالواجب على الغاصب القيمة . وإن قلنا : بالشركة ، بيع وقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين . فإن أراد قسمة عين الدقيق على نسبة القيمتين ، وكان الخلط بالأجود أو الأردأ ، فعلى ما ذكرنا في خلط الزيت بالزيت . وإن كان الخلط بالمثل ، جازت القسمة إن جعلناها إفرازا . وإن جعلناها بيعا لم يجز ، لأن بيع الدقيق بالدقيق لا يجوز .
فرع
خلط [ المغصوب ] بغير الجنس كزيت بشيرج أو دهن جوز ، أو دقيق حنطة بدقيق شعير ، فالمغصوب هالك لبطلان فائدة خاصيته ، بخلاف الجيد بالرديء . وقيل : هو على الخلاف
[ ص: 54 ] السابق ، واختار
المتولي الشركة هناك وهنا ، وقال : إن تراضيا على بيع المخلوط وقسمة الثمن جاز ، وإن أراد قسمته جاز ، وكأن المغصوب منه باع ما يصير في يد الغاصب من الزيت بما يصير في يده من الشيرج . قال الإمام : وألحق الأصحاب بخلط الزيت بالشيرج لت السويق بالزيت ، وهو بعيد ، وإنما هو كصبغ الثوب .
فرع
إذا لم يتعذر التمييز ، لزم الغاصب التمييز وفصله بالالتقاط وإن شق ، سواء خلط الجنس كالحنطة البيضاء بالحمراء ، أو بغيره كالحنطة بالشعير .
فرع
إذا
خلط الزيت بالماء ، وأمكن التمييز ، لزمه التمييز وأرش النقص إن نقص ، وإلا فهو كخلطه بالشيرج ، إلا أن لا تبقى له قيمة ، فيكون هالكا قطعا . فإن حصل فيه مميزا كان أو غيره نقص سار ، فقد سبق حكمه .