فصل
أصدقها شقصا ، ثم طلقها قبل الدخول ، أو ارتد ، وجاء الشفيع يريد أخذه بالشفعة ، فله أخذ نصفه ، وأما النصف الآخر ، فهل الزوج أولى به أم الشفيع ؟ وجهان . وكذا إذا
اشترى شقصا وأفلس بالثمن ، فأراد البائع الفسخ والشفيع الأخذ بالشفعة ، فيه الوجهان . أصحهما : فيهما الشفيع أولى ، لأن حقه أسبق ، فإنه ثبت بالعقد .
وفي وجه ثالث : الشفيع في الأولى أولى ، والبائع في الثانية أولى . فإذا قدمنا الشفيع في صورة الإفلاس ، ففيه أوجه . أصحها : أن الثمن المأخوذ من الشفيع مقسوم بين الغرماء كلهم ، لأن حق البائع إذا انتقل إلى الذمة صار كسائر الغرماء ، وبهذا قال
ابن الحداد ، والثاني : يقدم البائع بالثمن رعاية للجانبين . والثالث : إن كان البائع سلم الشقص ثم أفلس المشتري لم يكن أولى بالثمن ، لرضاه بذمته . وإن لم يسلمه ، فهو أولى بالثمن . والخلاف في نصف الصداق جار فيما إذا أعاد كله إلى الزوج بردتها أو فسخ قبل الدخول . هذا إذا اجتمع الشفيع والزوج أو البائع ، أما إذا أخذ الشفيع الشقص من يد الزوجة ثم طلق الزوج ، أو من يد المشتري ثم أفلس ، فلا رجوع للزوج والبائع إلى الشقص بحال ،
[ ص: 77 ] لكن ينتقل حق البائع إلى الثمن وحق الزوج إلى القيمة في مالها ، كما لو زال الملك ببيع أو غيره . ولو طلقها قبل علم الشفيع وأخذ النصف ، ثم جاء الشفيع ، ففي استرداده ما أخذه الزوج وجهان ، كما لو جاء بعد الرد بالعيب .
وقيل : لا يسترد قطعا ، لأن المهر يتشطر بالطلاق من غير اختيار ، فيبعد نقضه . فإن قلنا : يسترده أخذه وما بقي في يدها ، وإلا فيأخذ ما في يدها ويدفع إليها نصف مهر المثل . ولو كان للشقص الممهور شفيعان ، فطلبا ، وأخذ أحدهما نصفه ، ثم طلقها قبل أن يأخذ الآخر ، فلا يأخذ الزوج النصف الحاصل في يد الشفيع . وأما النصف الآخر فهل هو أولى أم الشفيع ؟ فيه الخلاف السابق ، ويجري فيما إذا أخذ أحد الشفيعين من يد المشتري ، ثم أفلس . فإن قلنا : الشفيع أولى ، ضارب البائع مع الغرماء بالثمن . وإن قلنا : البائع أولى ، فإن شاء أخذ النصف الباقي وضارب مع الغرماء بنصف الثمن ، وإلا فيتركه ويضارب بكل الثمن .
القيد الثالث : أن يملكه بمعاوضة . فإن ملك بإرث أو هبة أو وصية فلا شفعة . فإن وهب بشرط الثواب أو مطلقا ، وقلنا : تقتضي الثواب ، تثبت الشفعة على الأصح للمعاوضة . وقيل : لا ، لأنها ليست مقصودة . فعلى الأصح ، هل يأخذ قبل قبض الموهوب لأنه صار بيعا أم لا ، لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض ؟ وجهان . أصحهما : الأول .
فرع
اشترى شقصا ثم تقايلا ، فإن عفا الشفيع ، وقلنا : الإقالة بيع ، تجددت الشفعة ، وأخذه من البائع . وإن قلنا : فسخ ، لم تتجدد كما لا تتجدد بالرد بالعيب . وإن قاله قبل علم الشفيع بالشفعة . فإن قلنا : الإقالة بيع ، فالشفيع بالخيار بين أن
[ ص: 78 ] يأخذ بها وبين أن ينقضها حتى يعود الشقص إلى المشتري فيأخذ منه . وإن قلنا : فسخ ، فهو كطلب الشفعة بعد الرد بالعيب .
فرع
إذا
جعل الشقص أجرة أو جعلا أو رأس مال . [ في ] سلم صداقا أو متعة ، أو عوض خلع أو صلح عن دم أو مال ، أو جعله المكاتب عوضا عن النجوم ثبتت الشفعة في كل ذلك . ولو أقرضه شقصا ، قال
المتولي : القرض صحيح ، وللشفيع أخذه إذا ملكه المستقرض . وإنما ثبتت الشفعة في الجعل بعد العمل . وحكي وجه : أنه إذا [ كان ] ما يقابل الشقص مما لا يثبت في الذمة بالسلم ولا بالقرض فلا شفعة ، وهو شاذ ضعيف .
فرع
بذل شقصا عن بعض النجوم ، ثم عجز ورق ، فهل تبقى الشفعة لأنه كان عوضا أم تبطل لخروجه عن العوض ؟ وجهان . أصحهما : الثاني .
فرع
قال
المولى لمستولدته : إن خدمت أولادي شهرا ، فلك هذا الشقص ، فخدمتهم ، استحقته . وهل تثبت فيه الشفعة كالأجرة أم لا ، لأنه وصية معتبرة من الثلث ؟ وجهان . أصحهما : الثاني .
[ ص: 79 ]