فصل
وقد سبق أن تقدم ملك الآخذ على ملك المأخوذ منه شرط . فلو كان
في يد رجلين دار اشترياها بعقدين ، وادعى كل أن شراءه سبق ، وأنه يستحق على صاحبه الشفعة ، نظر ، إن ابتدأ أحدهما بالدعوى ، أو جاءا معا وتنازعا في البداءة ، فقدم أحدهما بالقرعة فادعى ، فعلى الآخر الجواب ، ولا يكفيه قوله : شرائي قبل ، لأنه ابتداء دعوى ، بل إما أن ينفي سبق شراء المدعي ، وإما أن يقول : لا يلزمني تسليم شيء إليك ، وحينئذ يحلف ، فإن حلف ، استقر ملكه ثم تسمع دعواه على الأول ، فإن حلف ، استقر ملكه أيضا . وإن نكل المدعى عليه أولا وردت اليمين على المدعي ، فإن حلف ، أخذ ما في يد المدعى عليه ، وليس للمدعى عليه
[ ص: 83 ] الناكل بعد ذلك أن يدعي عليه ، لأنه لم يبق له ملك يأخذ به . وإن نكل المدعي عن اليمين المردود ، سقطت دعواه ، وللمدعى عليه أن يدعي عليه .
هذا إذا لم يكن بينة . أما إذا أقام أحدهما بينة بالسبق ، فيقضى له . وإن أقام كل منهما بينة على سبق شرائه مطلقا ، أو على أنه اشترى يوم السبت وصاحبه يوم الأحد ، فمتعارضتان ، وفي تعارضهما قولان . أظهرهما : سقوطهما ، فكأنه لا بينة . والثاني : تستعملان . وفي كيفيته أقوال . أحدها : بالقرعة . فمن قرع ، أخذ نصيب الآخر بالشفعة . والثاني : بالقسمة ، ولا فائدة فيها هنا ، إلا أن تكون الشركة بينهما على التفاوت ، فيكون التصنيف مقيدا . والثالث الوقف . وعلى هذا يوقف حق التملك إلى أن يظهر الحال . وقيل : لا معنى للوقف هنا . ولو عينت البينتان وقتا واحدا فلا منافاة ، لاحتمال وقوع العقدين معا ، ولا شفعة لواحد منهما ، لوقوع العقدين معا . وفي وجه : تسقطان . والله أعلم .