فصل
في
صفة المؤذن وآدابه .
وشرطه أن يكون مسلما عاقلا ذكرا ،
وإذا نطق بالشهادتين في الأذان إن كان عيسويا لم يحكم بإسلامه ، وإن كان غيره حكم بإسلامه على الصحيح الذي قطع به الأكثرون .
ولا يصح
أذان السكران على الصحيح ، ويصح أذان من هو في أول النشوة ، ولا يصح
أذان المرأة ، والخنثى المشكل ، للرجال على الصحيح الذي قطع به الجمهور .
وأما أذانها لنفسها ، أو جماعة نساء ، فتقدم حكمه ، ويصح
أذان الصبي المميز على الصحيح المعروف في المذهب .
قلت : قال صاحب ( الشامل ) و ( العدة ) وغيرهما : يكره أذان الصبي ، ما لم يبلغ . كما يكره
أذان الفاسق ، والله أعلم .
وأما آدابه :
فيستحب أن يكون متطهرا ، فإن
أذن أو أقام محدثا ، أو [ ص: 203 ] جنبا ، كره ، وصح أذانه ، والكراهة في الجنب أشد ، وفي الإقامة أشد ، ويستحب أن
يكون صيتا ، حسن الصوت ، وأن يؤذن على موضع عال . من منارة أو سطح ، ونحوهما ، وأن
يجعل أصبعيه في صماخي أذنيه ،
وأن يكون عدلا وهو : الثقة ، وأن يكون من أولاد من جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض أصحابه الأذان فيهم ، إذا وجد ، وكان عدلا صالحا له ، وأن يصلي المؤذن ، ومن سمع الأذان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الأذان .
ثم يقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة ، والفضيلة ، والدرجة الرفيعة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، وأن يجيب كل
من سمع الأذان ، وإن كان جنبا ، أو حائضا ، فيقول : مثل قول المؤذن في جميع الأذان ، والإقامة ، إلا في الحيعلتين ، فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإلا في كلمتي الإقامة . فيقول : أقامها الله ، وأدامها ، وجعلني من صالحي أهلها ، وإلا في التثويب ، فيقول : صدقت وبررت ، وفي وجه ، يقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الصلاة خير من النوم .
فإن كان في قراءة ، أو ذكر ، استحب قطعهما ليجيب ، ولو كان في صلاة ، لم يجب حتى يفرغ ، فإن أجاب ، كره على الأظهر ، لكن لا تبطل صلاته إن أجاب بما استحببناه ؛ لأنها أذكار . فلو قال : حي على الصلاة ، أو الصلاة خير من النوم ، بطلت صلاته ؛ لأنه كلام .
قلت : وكذا لو قال : صدقت وبررت ، تبطل . صرح به القاضي حسين ، وغيره . والله أعلم .
ولو أجاب في خلال الفاتحة ، وجب استئنافها ؛ لأن الإجابة في الصلاة غير محبوبة .
قلت : ويستحب للمجيب ، أن يجيب في كل كلمة عقبها . والله أعلم .
ويستحب أن يقول
من سمع أذان المغرب : اللهم هذا إقبال ليلك ،
[ ص: 204 ] وإدبار نهارك ، وأصوات دعاتك : فاغفر لي ، ويستحب الدعاء بين الأذان والإقامة ، وأن يتحول المؤذن إلى موضع آخر للإقامة .