وإن شرط رد من جاء من الرجال مسلما ، جاز ، ولا يمنعهم أخذه ، ولا يجبره على ذلك ، وله أن يأمره بقتالهم والفرار منهم ، وعلى الإمام حماية من هادنه من المسلمين . دون غيرهم وإن سباهم كفار آخرون ، لم يجز لنا شراؤهم ، وإن خاف نقض العهد منهم ؛ نبذ إليهم عهدهم .
( وعلى الإمام حماية من هادنه من المسلمين ) لأنه أمنه ممن هو في قبضته ، وتحت [ ص: 402 ] يده ، وكذا يلزمه حماية أهل الذمة من أهل الذمة . صرح به أكثر الأصحاب ، وتركه المؤلف لظهوره ؛ لأنه إذا وجبت حمايتهم من المسلمين ؛ فلأن يجب من أهل الذمة بطريق الأولى . فعلى هذا لو أتلف من المسلمين ، أو من أهل الذمة عليهم شيئا . فعليه ضمانه . ( دون غيرهم ) أي : ليس عليهم حمايتهم من أهل الحرب ، ولا حماية بعضهم بعضا ؛ لأن الهدنة التزام الكف عنهم فقط ؛ ( وإن سباهم كفار آخرون ) بأن أغاروا عليهم أو سبى بعضهم بعضا ؛ ( لم يجز لنا شراؤهم ) في الأصح ؛ لأن الأمان يقتضي رفع الأذى عنهم ، وفي استرقاقهم أذى لهم بالإذلال بالرق ؛ فلم يجز كسبهم . والواحد كالكل . وظاهره أنه لا يلزم الإمام استنقاذهم ، وذكر الشيخ تقي الدين رواية منصوصة : لنا شراؤهم من سابيهم ، وذكره في " الشرح " احتمالا ؛ لأنه لا يجب عليه الدفع عنهم ؛ فلا يحرم استرقاقهم ، بخلاف أهل الذمة ، وينبني عليهما : لو ظهر المسلمون على الذين أسروهم ، وأخذوا مالهم ، واستنفذوا ذلك منهم ، لم يلزمه رد ، على الثاني لا الأول . ويجوز لنا شراء ولدهم وأهلهم منه إذا باعه كحربي ، وعنه : يحرم كذمة ؛ ولأنهم في أمان منا ، وكما لو سبى بعضهم بعضا فباعه منا بخلاف ما إذا سبى بعضهم ولد بعض ، وباعه ، فإنه يصح .
( وإن خاف نقض العهد منهم ، نبذ إليهم عهدهم ) بخلاف أهل الذمة ، فيقول لهم : قد نبذت عهدكم ، وعدتم حربا ، لقوله تعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء [ الأنفال : 58 ] . يعني : أعلمهم بنقض العهد حتى [ ص: 403 ] تصير أنت وهم سواء في العلم ، ويجب إعلامهم قبل الإغارة . وفي " الترغيب " : إن صدر منهم خيانة ، فإن علموا أنها خيانة أغظناهم ؛ وإلا فوجهان : فلو نقضه وفي دارنا منهم أحد ، وجب رده إلى مأمنه لأنهم دخلوا بأمان ، وإن كان عليهم حق استوفي ؛ وينتقض عهد نساء وذرية تبعا لهم . وفي جواز قتل رهائنهم بقتلهم رهائننا روايتان .