وتصح بلفظ المساقاة والمعاملة وما في معناهما ، وتصح بلفظ الإجارة في أحد الوجهين ، وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال : آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح ، وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ، ذكره أبو الخطاب ، وقال أكثر أصحابنا : هي إجارة ، والأول أقيس وأصح ، وهل تصح على ثمرة موجودة ؛ على روايتين ، وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة صح .
[ ص: 47 ] ( وتصح ) من كل جائز التصرف ( بلفظ المساقاة ) لأنها موضوعها حقيقة ( والمعاملة ) لقوله : عامل أهل خيبر ( وما في معناهما ) كفالحتك ، واعمل في بستاني هذا حتى تكمل ثمرته ; لأن القصد المعنى ، فإذا أتى بلفظ دال عليه صح كالبيع ( وتصح ) هي ومزارعة ( بلفظ الإجارة في أحد الوجهين ) جزم به في " الوجيز " ; لأنه مؤد للمعنى ، فصح به العقد كسائر الألفاظ المتفق عليها ، والثاني لا ، واختاره أبو الخطاب ; لأن الإجارة يشترط لها ما لا يشترط للمساقاة ، وهما مختلفان في اللزوم والجواز ، فلم تصح بلفظ الإجارة كما لا تصح بلفظ البيع ( وقد نص أحمد في رواية جماعة فيمن قال : آجرتك هذه الأرض بثلث ما يخرج منها أنه يصح ، وهذه مزارعة بلفظ الإجارة ، ذكره أبو الخطاب ) فعبر بالإجارة عن المزارعة على سبيل المجاز كما يعبر عن الشجاع بالأسد ، فعلى هذا يكون نهيه عن كراء الأرض بثلث ما يخرج منها أنه ينصرف إلى الإجارة الحقيقية لا المزارعة ( وقال أكثر أصحابنا هي إجارة ) لأنها مذكورة بلفظها ، فتكون إجارة حقيقة ، ويشترط فيها شروط الإجارة ، وتصح ببعض الخارج منها كما تصح بالدراهم ، ونص عليه ، واختاره الأكثر ، وعنه : لا ، اختاره أبو الخطاب ، والمؤلف ، وقيل : تكره ، وإن صح إجارة ، أو مزارعة ، فلم يزرع نظر إلى معدل المغل ، فيجب القسط المسمى فيه ( والأول أقيس وأصح ) دليلا عنده إذ الخبر يدل عليه ، واللفظ قد يعدل عن حقيقته إلى مجازه لدليل ( وهل تصح على ثمرة موجودة ؛ ) لم تكمل ، وعلى زرع نابت ينمي بالعمل ( على روايتين ) إحداهما لا يجوز ; لأنه عليه السلام عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر ، أو زرع ، وذلك [ ص: 48 ] مفقود هنا ، ولأن الثمرة إذا ظهرت فقد حصل المقصود ، وصار بمنزلة مضاربته على المال بعد ظهور الربح ، والثانية - وهي الأصح - الجواز ; لأنها إذا جازت في المعدوم مع كثرة الغرر فيها فمع وجودها وقلة الغرر فيها أولى ، ومحلها إذا بقي من العمل ما تزيد به الثمرة كالتأبير ، والسقي ، والإصلاح ، فإن بقي ما لا تزيد به كالجداد لم يجز بغير خلاف ( وإن ساقاه على شجر يغرسه ، ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من الثمرة صح ) في المنصوص ، قال في رواية أبي داود : إذا قال لرجل : اغرس في أرضي هذه شجرا ، أو نخلا ، فما كان من غلة فلك بعملك كذا ، فإجارة ، واحتج بحديث خيبر ، ولأن العمل وعوضه معلومان ، فصحت كالمساقاة على شجر موجود ، ويعتبر أن يكون الغراس من رب الأرض كالمزارعة ، فإن كان من العامل ، فعلى الروايتين في المزارعة إذا شرط البذر من العامل ، وقال القاضي : المعاملة باطلة ، وصاحب الأرض مخير بين تكليفه قلعها ويضمن له نقصها ، وبين تركها في أرضه ، ويدفع إليه قيمتها ، فإن اختار العامل قلع شجره ، فله ذلك سواء بذل له القيمة أو لا ; لأنه ملكه ، فلم يمنع من تحويله ، وإن اتفقا على إبقاء الغراس ودفع أجر الأرض جاز .
تنبيه : ظاهر نصه أنها تصح بجزء من الشجر ، وبجزء منهما كالمزارعة ، وهي المغارسة والمناصبة ، اختاره nindex.php?page=showalam&ids=14800أبو حفص العكبري ، والقاضي في " تعليقه " والشيخ تقي الدين ، وذكره ظاهر المذهب ، ولو كان مغروسا ، ولو كان ناظر وقف ، وأنه لا يجوز لناظر بعده بيع نصيب الوقف بلا حاجة ، وأن لحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط ، والحكم به من جهة عوض المثل ، ولو لم تقم به بينة ; لأنه الأصل في العقود قال في " الفروع " : ويتوجه اعتبار بينة ، [ ص: 49 ] وقدم في " المغني " ، و " الشرح " أنه لا يصح ، فلو دفعها إليه على أن الأرض والشجر بينهما ، فذلك فاسد بغير خلاف نعلمه .