ولا تصح إلا بشروط ثلاثة ، أحدها : معرفة المنفعة إما بالعرف كسكنى الدار شهرا وخدمة العبد سنة ، وإما بالوصف كحمل زبرة حديد وزنها كذا إلى موضع معين ، وبناء حائط يذكر طوله ، وعرضه ، وسمكه ، وآلته ، وإجارة أرض معينة لغرس كذا أو زرع أو بناء معلوم ، وإن استأجر للركوب وذكر المركوب فرسا أو بعيرا ونحوه ، وإن كان للحمل لم يحتج إلى ذكره .
( ولا تصح إلا بشروط ثلاثة ، أحدها : معرفة المنفعة ) لأنها هي المعقود عليها ، فاشترط العلم بها كالمبيع ( إما بالعرف ) أي ما يتعارفه الناس بينهم ( كسكنى الدار شهرا ) لأنها لا تكرى إلا لذلك فلا يعمل فيها حدادة ولا [ ص: 64 ] قصارة ، ولا دابة ، والأشهر ولا مخزنا للطعام ، ويستحق ماء البئر تبعا للدار في الأصح ، قيل لأحمد : يجيء زوار عليه أن يخبر صاحب البيت بهم ؛ قال : ربما كثروا ، ورأى أن يخبر ، وله إسكان ضيف وزائر ، وفي " الرعاية " : يجب ذكر السكنى ، وصفتها ، وعدد من يسكنها ، وصفتهم إن اختلفت الأجرة ، ورد بأن التفاوت في السكنى يسير ، فلم يحتج إلى ضبطه ( وخدمة العبد سنة ) ولو عبر بالآدمي لعم ( سنة ) لأنها معلومة بالعرف فلم يحتج إلى بيانها كالسكنى ، وفي " النوادر " ، و " الرعاية " يخدم ليلا ونهارا ، فإن استأجره للعمل استحقه ليلا ، قال أحمد : أجير المشاهرة يشهد الأعياد والجمع ، قيل له : فيتطوع بالركعتين ؛ قال : ما لم يضر بصاحبه ; لأن الصلاة مستثناة من الخدمة ، فإن استأجر حرة أو أمة للخدمة صرف وجهه عن النظر ، وعلم منه إباحة إجارة العقار والحيوان حكاه ابن المنذر إجماعا .
( وإما بالوصف كحمل زبرة حديد وزنها كذا إلى موضع معين ) أي لا بد من ذكر الوزن والمكان الذي تحمل إليه ; لأن المنفعة إنما تعرف بذلك ، فيشترط ذلك في كل محمول ، فلو كان كتابا فوجد المحمول إليه غائبا ، فله الأجر لذهابه ورده ، وفي " الرعاية " وهو ظاهر " الترغيب " إن وجده ميتا فالمسمى فقط ويرده ( وبناء حائط يذكر طوله ، وعرضه ، وسمكه ، وآلته ) لأن المعرفة لا تحصل إلا بذلك ، والغرض يختلف ، فلم يكن بد من ذكره ، فيذكر آلة البناء من حجارة ، أو آجر ، أو لبن ، فلو عمله ثم سقط فله أجره ; لأنه وفى بعمله ، وإن فرط أو بناه محلولا فسقط لزمه إعادته وغرامة ما تلف [ ص: 65 ] منه ، وإن شارطه على رفعه أذرعا معلومة ، فرفع بعضه ثم سقط فعليه ما سقط وإتمام ما وقعت عليه الإجارة من الذرع .
فرع : يجوز الاستئجار لضرب اللبن ، ويكون على مدة وعمل ، فإن قدره بالعمل احتاج إلى تعيين عدده ، وذكر قالبه ، وموضع الضرب ; لأنه يختلف باعتبار التراب والماء ولا يكتفى بمشاهدة القالب إذا لم يكن معروفا كالسلم ، ولا يلزمه إقامته ليجف ، وقيل : بلى إن كان عرف مكانه .
( وإجارة أرض معينة ) أي معلومة ( لغرس كذا أو زرع أو بناء معلوم ) لأنها تؤجر لذلك كله وضرره يختلف ، فوجب بيانه ، ويأتي الخلاف فيما إذا أطلق .
( وإن استأجر للركوب وذكر المركوب فرسا أو بعيرا ونحوه ) لأن منافعها تختلف ، ويشترط معرفته برؤية أو صفة كمبيع ، وما يركب به من سرج وغيره ، وكيفية سيره كقطوف ونحوه ، وقدم في " الترغيب " لا يشترط ، وظاهره أنه لا يحتاج إلى ذكوريته ، وأنوثيته في الأصح ; لأن التفاوت بينهما يسير ، ولا بد من معرفة الراكب كمبيع ، وقال الشريف : لا يجزئ فيه إلا الرؤية ; لأن الصفة لا تأتي عليه ، ومعرفة المحامل ، والأوطئة ، والأغطية ، ونحوها إما برؤية أو صفة ، أو وزن ، وقيل : لا يجب ذكر توابع الراكب ، فلو شرط حمل زاد معلوم وأطلق فله حمل ما نقص كالماء ، وقيل : لا ، بأكل معتاد ، وفي وجوب تقدير الطعام في السفر احتمالان ( وإن كان للحمل لم يحتج إلى ذكره ) لأن الغرض في ذلك لا يختلف ، لكن إن كان المحمول خزفا أو زجاجا تعين معرفة الدابة في الأصح ; لأن فيه [ ص: 66 ] غرضا ، وقيل : يعتبر مطلقا ، ويتوجه مثله ما يدير دولابا أو رحى ، واعتبره في " التبصرة " ويشترط معرفة محمول برؤية ، أو صفة ، ويذكر جنسه من حديد ، وقطن ; لأن ضرره يختلف ، واكتفى ابن عقيل ، وصاحب " الترغيب " بالوزن .