وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل ، وتخشى ألا تقيم حدود الله في حقه ، فلا بأس أن تفتدي نفسها منه وإن خالعته لغير ذلك كره ، ووقع الخلع وعنه : لا يجوز ، فإن عضلها لتفتدي نفسها منه ، ففعلت ، فالخلع باطل ، والعوض مردود ، والزوجية بحالها ، إلا أن يكون طلاقا ، فيقع رجعيا .
يقال : خلع امرأته خلعا ، وخالعها مخالعة ، واختلعت هي منه ، فهي خالع ، وأصله من خلع الثوب; لأن المرأة تنخلع من لباس زوجها ، قال تعالى : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن [ البقرة : 187 ] وهو عبارة عن فراق امرأته بعوض بألفاظ مخصوصة ، وفائدته : تخليصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، وأبو قلابة : لا يحل الخلع حتى يجد على بطنها رجلا; لقوله تعالى : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [ ص: 220 ] [ النساء : 19 ] والجواب عن ذلك بأنه قول عمر وعلي ، ولم يعرف لهما في الصحابة مخالف ، فكان كالإجماع ، ودعوى النسخ لا تسمع حتى يثبت تعذر الجمع ، وأن الآية الناسخة متأخرة ، ولم يثبت ذلك ، وظاهره : أنه يباح لها أن تفتدي نفسها منه ، وصرح به في " الوجيز " و " الفروع " ، والمذهب أنه يسن إجابتها إليه; لأن حاجتها داعية إلى فرقته ، إلا أن يكون له إليها ميل ومحبة ، فيسن صبرها وعدم افتدائها - نص عليه - واختلف كلام الشيخ تقي الدين في وجوبه ، وألزم بعض حكام المقادسة الفضلاء به ، نقل أبو طالب : إذا كرهته حل أن يأخذ منها ما أعطاها .
فرع : لا يفتقر الخلع إلى حاكم - نص عليه - ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عمر وعثمان; لأنه معاوضة ، فلم يفتقر إلى سلطان كالبيع والنكاح ، وقال الحسن وابن [ ص: 221 ] سيرين : لا يجوز إلا عند السلطان ، وجوابه ما سبق مع أنه قطع عقد بالتراضي أشبه الإقالة ( فإن عضلها ) بأن ضاررها بالضرب والتضييق عليها ظلما ، أو منعها حقها من النفقة والقسم ونحوه ( لتفتدي نفسها منه ، ففعلت ، فالخلع باطل ، والعوض مردود ) في قول الجمهور; لقوله تعالى : ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن [ النساء : 19 ] ; ولأنه عوض أكرهت على بذله بغير حق ، فكان باطلا كالثمن في البيع ( والزوجية بحالها ) ; لأن المقتضي للفرقة الخلع الصحيح ولم يوجد ( إلا أن يكون طلاقا فيقع رجعيا ) أي : إذا لم يملك العوض ، وقلنا : الخلع طلاق ، وقع الطلاق بغير عوض ، فإن كان أقل من ثلاث فله رجعتها; لأن الرخصة إنما سقطت بالعوض ، فإذا سقط العوض ثبتت الرجعة - إن كان بلفظ طلاق أو نيته - وإلا فهو لغو ، وقيل : يقع بائنا إن صح بلا عوض ، وإن قلنا : هو فسخ ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء; لأن الخلع بغير عوض لا يقع على الأشهر ، ويتخرج أنه إن أخذ منها شيئا على الوجه المذكور رده ووقع الخلع عليه ، إذا قلنا : يقع بغير عوض .