وإذا خالعته في مرض موتها ، فله الأقل من المسمى أو من ميراثه منها ، وإن طلقها في مرض موته ، وأوصى لها بأكثر ، لم تستحق أكثر من ميراثها ، وإن خالعها في مرضه وحاباها ، فهو من رأس المال .
وإذا وكل في خلع امرأته مطلقا ، فخالع بمهرها ، فما زاد صح ، وإن نقص عن المهر ، رجع على الوكيل بالنقص ، ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا ، وبين رده ، وله الرجعة ، وإن عين له العوض ، فنقص لم يصح الخلع عند ابن حامد ، وصح عند أبي بكر ، ويرجع على الوكيل بالنقص .
وإن وكلت المرأة في ذلك ، فخالع بمهرها فما دون ، أو بما عينته فما دون ، صح ، وإن زاد لم يصح ، ويحتمل أن يصح ، وتبطل الزيادة ، وإذا تخالعا ، تراجعا بما بينهما من الحقوق ، وعنه : أنها تسقط .
فصل
( وإذا خالعته في مرض موتها ) المخالعة في المرض صحيحة ، سواء كانا مريضين أو أحدهما - بغير خلاف نعلمه; لأنها معاوضة كالبيع ، ثم إذا خالعته في مرض موتها بميراثه منها فما دون - صح ولا رجوع ، وإن خالعته بزيادة بطلت الزيادة ( فله الأقل من المسمى أو من ميراثه منها ) ; لأن ذلك لا تهمة فيه - بخلاف الأكثر منها - فإن الخلع إن وقع بأكثر من الميراث تطرقت إليه التهمة من قصد إيصالها إليه شيئا من مالها بغير عوض على وجه لم تكن قادرة عليه ، أشبه ما لو أوصت أو أقرت له ، وإن وقع بأقل من الميراث ، فالباقي هو أسقط حقه منه ، فلم يستحقه ، فتعين استحقاق الأقل منهما ، وقيل : إن كان ميراثه منها بقدر ما ساق إليها من الصداق أو أقل ، صح ، وإن كان ما خالعته أكثر ، بطلت الزيادة ( وإن طلقها في مرض موته ، وأوصى لها بأكثر من ميراثها ، لم تستحق أكثر من ميراثها ) أي : للورثة منعها من ذلك; لأنه اتهم في أنه قصد إيصال ذلك إليها ، كالوصية لوارث ، وعلم منه أنه إذا أوصى لها بمهر مثلها أو أقل أنه يصح; لأنه لا تهمة في ذلك ( وإن خالعها في مرضه وحاباها ، فهو من رأس المال ) مثل أن يخالعها بأقل من مهر مثلها [ ص: 244 ] مثل أن يكون قادرا على خلعها بشيء فخالعها بدونه - لم يحسب ما حاباها من الثلث في مرض موته; لأنه لو طلق بغير عوض لصح ، فلأن يصح بعوض أولى ، فلو خالعها في مرضها بأكثر من مهرها فللورثة أن لا يعطوه أكثر من ميراثه منها; لأنه متهم .
( وإذا وكل في خلع امرأته مطلقا ، فخالع بمهرها ، فما زاد صح ) ولزم المسمى; لأنه زاده خيرا ، وعلم منه صحة التوكيل في الخلع لكل من يصح تصرفه في الخلع لنفسه ، كالعبد ، والأنثى ، والكافر ، والمحجور عليه ، لا نعلم فيه خلافا ، ويجوز التوكيل من غير تقدير عوض كالبيع والنكاح ، والمستحب التقدير; لأنه أسلم من الغرر ، وأسهل على التوكيل .
( وإن نقص عن المهر ، رجع على الوكيل بالنقص ) على المذهب; لأن الخلع عقد معاوضة أشبه البيع ( ويحتمل أن يخير بين قبوله ناقصا ) ; لأن الحق له ، فإذا رضي بدونه وجب أن يصح ( وبين رده وله الرجعة ) ; لأن الطلاق قد وقع ، والعوض مردود ( وإن عين له العوض ، فنقص لم يصح الخلع عند ابن حامد ) وهو أولى وأصح; لأنه خالف موكله ، أشبه ما لو وكله في خلع امرأة فخالع غيرها ( وصح عند أبي بكر ) ; لأن المخالعة في قدر العوض ، وهو لا يبطله كحالة الإطلاق ( ويرجع على الوكيل بالنقص ) ; لأنه أمكن الجمع بين تصحيح التصرف ، ودفع الضرر ، فوجب كما لو لم يخالف وصحح ابن المنجا هذا القول; لأن الفرق ثابت بين المخالفة وبين المعقود عليه ، وبين المخالفة في تعيين العوض; لأنه لو وكله في عبده من زيد ، فباعه من غيره - لم يصح ، ولو وكله في بيعه بعشرة ، فباعه بأقل منها - أنه يصح ، ويضمن الوكيل النقص .
[ ص: 245 ] فرع : إذا خالف بالجنس أو أمره بالخلع حالا ، فخالع عن عوض نسيئة ، فالقياس أنه لا يصح ، وقال القاضي : إنه يلزم الوكيل القدر الذي أذن فيه ، ويكون له ما خالع به كالمخالفة في القدر ، وهذا يبطل بالوكيل في البيع ، وفارق المخالفة في القدر; لأنه أمكن جبره بالرجوع بالنقص على الوكيل ، وكذا الحكم لو خالع بغير نقد البلد ، وإن خالع بما ليس بمال فلغو ، وقيل : يصح إن صح بلا عوض وإلا رجعيا .
( وإن وكلت المرأة في ذلك فخالع بمهرها فما دون ، أو بما عينته فما دون ، صح ) ; لأنه امتثل وزاد خيرا ( وإن زاد لم يصح ) على المذهب; لأنه خالفها في تعيينها أو فيما اقتضاه الإطلاق ، فلم يصح كما لو وكلته في الخلع بدراهم ، فخالع بعروض ( ويحتمل أن يصح ) ; لأن المخالفة في القدر لا توجب الضمان ( وتبطل الزيادة ) ; لأن الموكلة ما التزمتها ، ولا أذنت فيها ، وقاله في " الشرح " ، ولزم الوكيل; لأنه ألزمه للزوج ، فلزمه الضمان كالمضارب إذا اشترى من يعتق رب المال ، وقال القاضي في " المجرد " : عليها مهر مثلها ، ولا شيء على وكيلها; لأنه لا يقبل العقد لنفسه ، وإنما يقبله لغيره بخلاف الشراء ( وإذا تخالعا ) بغير لفظ الطلاق ( تراجعا بما بينهما من الحقوق ) أي : حقوق النكاح ; لأنه أحد نوعي الخلع ، فلم يسقط به شيء كالطلاق ( وعنه : أنها تسقط ) بالسكوت عنها إلا نفقة عدة الحامل وما خولع ببعضه; لأن الخلع يقتضي انخلاع كل واحد من صاحبه ، ولو بقيت الحقوق كما كانت لبقي بينهما علقة ، وذلك ينافي الانخلاع ، فعليه إن كان خلعها قبل الدخول ولم تكن قبضت منه شيئا - لم ترجع عليه ، وإن كانت قبضته لم يرجع ، وعلى [ ص: 246 ] الأول : يرجع كل واحد بما يستحقه ، وهو الأصح ، وهذا الخلاف في حقوق النكاح ، وأما الديون فلا تعلق للخلع بها .