وجوابه : أنه إذا وجبت الفورية ، والترتيب على المعذور ، فغيره أولى ، وإنما قيده بالنسيان ، لأنه قد خرج على سبب ، وعنه : لا يجب الترتيب ، قاله في " المبهج " : لأن كل واحد عبادة مستقلة ، والأداء إنما كان واجبا في الأول لضرورة الوقت كالصوم ، وأسقط القاضي في موضع الفورية ، والترتيب فيما زاد على خمس ، وعلى الأول : الترتيب شرط لصحتها ، فلو أخل به لم يصح [ ص: 356 ] كالركوع ، والسجود قال في " الفروع " : ويتوجه احتمال يجب الترتيب ، ولا يعتبر للصحة .
( قلت ) الفوائت ( أو كثرت ) لأن الترتيب واجب ، فلم يسقط بالكثرة ، كما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها ، لكن إذا قلت الفوائت قضاها بسننها ، وإن كثرت فالأولى الاقتصار على الفرض لفعله عليه السلام يوم الخندق ، واستثنى أحمد سنة الفجر ، وقال : لا يهملها ، وقال في الوتر : إن شاء قضاه ، وإن شاء فلا ، ونقل مهنا : يقضي سنة الفجر لا الوتر ؛ لأنه دونها ، وأطلق القاضي ، وغيره : يقضي السنن والوتر كما يقضي غيره من الرواتب ، نص عليه ، ولا يصح نفل مطلق على الأصح لتحريمه ، كأوقات النهي ، وكذا يتخرج في النفل المبتدأ بعد الإقامة أو عند ضيق وقت المؤداة مع علمه بذلك ، وتحريمه .
فائدة : قال الشيخ تقي الدين : إن عجز فمات بعد التوبة غفر له ، قال : ولا تسقط بحج ، ولا تضعيف صلاة في المساجد الثلاثة ، ولا غير ذلك .
( فإن خشي فوات الحاضرة ) سقط وجوب الترتيب في الصحيح المشهور في المذهب ، لئلا تصيرا فائتتين ، وفعل الحاضرة آكد بدليل أنه يقتل بتركها بخلاف الفائتة ، ولأن ترك الترتيب أيسر من ترك الوقت ، وعنه : لا يسقط ، اختاره الخلال ، لأنه ترتيب فلم يسقط بضيق الوقت كترتيب الركوع ، والسجود ، ونقل [ ص: 357 ] ابن منصور : إذا كثرت الفوائت بحيث لا يتسع لها وقت الحاضرة صلى الحاضرة في أول وقتها ، وهي اختيار أبي حفص ، وصححه في " المغني " لأنه إذا لم يكن بد من الإخلال بالترتيب ، ففعلها في أول الوقت لتحصل فضيلة الوقت والجماعة أولى ، ولأن فيه مشقة ، فإنه يتعذر معرفة آخر الوقت في حق أكثر الناس ، فعلى الأول : المراد بفوات الحاضرة ضيق وقتها حتى لا يتسع لفعلهما جميعا ، وقيل : ما لا يتسع لفعل الفائتة ، وإدراك الحاضرة ، وهل خروج وقت الاختيار كخروج الوقت ؛ فيه وجهان ، ولا يشتغل عن الحاضرة بالقضاء ، فإن خالف ، وقضى صح ، نص عليه ، لا نافلة في الأصح ، وظاهره لا فرق بين الحاضرة أن تكون جمعة أو غيرها ، فإن خوف فوت الجمعة ، كضيق الوقت في سقوط الترتيب ، نص عليه ، فيصلي الجمعة قبل القضاء ، وعنه : لا يسقط . قال جماعة : لكن عليه فعل الجمعة في الأصح ، ثم يقضيها ظهرا ، فإن كان الذي عليه الفائتة الإمام في الجمعة ، وصلاها مع ذكره ، فإن سقط الترتيب لضيق الوقت صحت الجمعة ، وقضى ما عليه ، وإن قلنا : لا يسقط أعاد الجمعة إن كان الوقت باقيا ، فإن ذكر الفائتة قبل إحرامه بالجمعة استناب فيها ، وقضى الفائتة ، فإن أدرك الجمعة مع نائبه ، وإلا صلى ظهرا ، وإن لم يفعل ، وصلى بهم فعلى الخلاف ، وقيل : يلزمه أن يقضي ، ثم يأتي بما يدرك به الجمعة ، وهو أشبه ( أو نسي الترتيب ) بين فوائت حال قضائها ، أو بين حاضرة وفائتة حتى فرغ منها ( سقط وجوبه ) وليس عليه إعادة ، نص عليه في رواية الجماعة لقوله عليه السلام nindex.php?page=hadith&LINKID=10338595عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ولأن المنسية ليس عليها أمارة ، فجاز أن يؤثر فيها النسيان ، كالصيام ، وعنه : لا تسقط مع النسيان كالمجموعتين ، وجوابه أنه لا يتحقق فيهما إذ لا بد [ ص: 358 ] من نية الجمع ، وهو متعذر مع النسيان ، وظاهره لا فرق بين أن يكون ذكر الفائتة ، ثم نسيها ، أو لم يسبق لها ذكر ، وأنه لا يسقط الترتيب بخشية فوات الجماعة في الحاضرة على الأصح ، ولا بالجهل بوجوبه في الأصح ، لأنه نادر ، ولأنه اعتقد بجهله خلاف الأصل ، وهو الترتيب ، فلم يعذر . فلو صلى الظهر ، ثم الفجر جاهلا ، ثم صلى العصر في وقتها ، صحت عصره لاعتقاده لا صلاة عليه ، كمن صلاها ، ثم تيقن أنه صلى الظهر بلا وضوء ، أعاد الظهر ، وإن نسي ظهرا وعصرا من يومين وجهل السابقة فعنه : يبدأ بالظهر ، ثم بالعصر اعتبارا بالترتيب الشرعي ، وعنه : يتحرى فإن استويا ، فعنه بما شاء ، وعنه : يصلي ظهرين بينهما عصرا ، وبالعكس ، لأنه أمكنه أداء فرضه بيقين قال في " المغني " : وهو القياس .