ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ، مع الحاجة وعدمها ، ويرجع المأخوذ على خليطه بحصته من القيمة ، فإن اختلفا في القيمة ، فالقول قول المرجوع عليه إذا عدمت البينة ، وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه .
( ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ) ؛ لأن الجميع كالمال الواحد ( مع الحاجة ) بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها إلا من أحد المالين ، أو تكون أحدهما صغارا ، والآخر كبارا ، ونحوه ( وعدمها ) بأن يجد فرض كل من المالين فيه ، نص أحمد على ذلك ، وظاهره : ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء النصيبين ، وقد وجبت الزكاة خلافا ل " المحرر " ( فأما من لا زكاة عليه كذمي ومكاتب ، فلا أثر لخلطته في جواز الأخذ ؛ لأن الجزء من خليطين يمكن رجوع كل منهما على الآخر ( ويرجع المأخوذ به على خليطه ) لقوله - عليه السلام - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10339342وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " ؛ أي : إذا أخذ من أحدهما ( بحصته من القيمة ) يوم أخذت لزوال ملكه إذن ؛ ولأنها ليست من ذوات الأمثال ، فيرجع بالقسط الذي قابل ماله من المخرج ، فإذا كان لأحدهما ثلث المال ، وأخذ الفرض منه ، رجع بقيمة ثلثي المخرج على شريكه ، وإن أخذه من الآخر رجع بقيمة الثلث ، يرجع رب عشرة من الإبل أخذت منه بنت مخاض على رب عشرين بقيمة ثلثيها ، وبالعكس بقيمة ثلثها ( فإن اختلفا في القيمة ) بأن قال المأخوذ منه : قيمتها عشرون ، وقال الآخر : بل قيمتها عشرة ( فالقول قول المرجوع عليه ) مع يمينه ( إذا عدمت البينة ) واحتمل صدقه ؛ لأنه منكر غارم ، وكالغاصب ، وظاهره أنه لا يقبل قوله مع وجود البينة ؛ لأن العمل يجب بما يقوله ، لأنها ترفع النزاع ( وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما ) ؛ أي : ثلاثا ، قيل : كأخذه عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما ( لم يرجع بالزيادة على خليطه ) ؛ لأنها ظلم فلا يجوز رجوعه على غير ظالمه وفاقا . وحينئذ يرجع على خليطه [ ص: 337 ] بنصف شاة فقط ، وذكر الشيخ تقي الدين فيها قولين للعلماء أظهرهما : يرجع ، وقال في المظالم المشتركة : وحينئذ تطلب من الشركاء ، يطلبها الولاة من البلدان أو التجار أو الحجيج أو غيرهم ، والكلف السلطانية على الأنفس أو الأموال أو الدواب ، ويلزمهم التزام العدل في ذلك ، كما يلزم فيما يؤخذ منهم بحق ، ولا يجوز لأحد أن يمتنع من أداء قسطه من ذلك بحيث يؤخذ قسطه من الشركاء ؛ لأنه لم يدفع الظلم عنه إلا بظلم شركائه ( وإن أخذه بقول بعض العلماء ) كأخذه صحيحة عن مراض ، أو كبيرة عن صغار ، أو قيمة الواجب ( رجع عليه ) ؛ لأن الساعي نائب الإمام ، فعله كفعله ، ولهذا لا ينقض ؛ لكونه مختلفا فيه كما في الحاكم ، قال في " المغني " و " الشرح " : ما أداه اجتهاده إليه وجب دفعه ، وصار بمنزلة الواجب ، وقال غيره : لأن فعله في محل الاجتهاد سائغ نافذ ، فترتب عليه الرجوع لسوغانه ، وقال أبو المعالي : إن أخذ القيمة ، وصار أحدها ، رجع بنصفها ، إن قلنا : القيمة أصل ، وإن قلنا : بدل ، فينصف قيمة الشاة ، وإن لم تجزئ القيمة فلا رجوع ، ولم يرتضه في " الفروع " ، وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ، ولو اعتقد المأخوذ به عدمه ، وعلم منه أنه إذا أخرج أحد الخليطين فوق الواجب لم يرجع بالزيادة ، قال صاحب " المحرر " : عقد الخلطة : جعل كل واحد منهما كالإذن لخليطه في الإخراج عنه ، وكذا قاله ابن حامد ، غاب الآخر أو حضر ، واختار ابن حمدان : لا يجزئ .
تنبيه : إذا أخذ الساعي فرضا مجمعا عليه ، لكنه مختلف فيه : هل هو عن [ ص: 338 ] الخليطين ، أو عن أحدهما ، عمل كل في التراجع بمذهبه ؛ لأنه لا نقض فيه ، لفعل الساعي ، فعشرون خلطة بستين فيها ربع شاة ، فإذا أخذ الشاة من الستين رجع ربها بربع الشاة ، وإن أخذها من العشرين رجع بها بثلاثة أرباعها لا بقيمتها كلها ، ولا يسقط زيادة مختلف فيها بأخذ الساعي مجمعا عليه ، كمائة وعشرين خلطة بينهما ثلاث وستون عقب الحول بأخذ نصف شاة بناء على تعلق الزكاة بالنصاب والعفو ، وجعل للخلطة والتلف تأثيرا ، لزمهما إخراج نصف شاة ، ذكرهما في " منتهى الغاية " .