الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ، مع الحاجة وعدمها ، ويرجع المأخوذ على خليطه بحصته من القيمة ، فإن اختلفا في القيمة ، فالقول قول المرجوع عليه إذا عدمت البينة ، وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما لم يرجع بالزيادة على خليطه وإن أخذه بقول بعض العلماء رجع عليه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويجوز للساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء ) ؛ لأن الجميع كالمال الواحد ( مع الحاجة ) بأن تكون الفريضة عينا واحدة لا يمكن أخذها إلا من أحد المالين ، أو تكون أحدهما صغارا ، والآخر كبارا ، ونحوه ( وعدمها ) بأن يجد فرض كل من المالين فيه ، نص أحمد على ذلك ، وظاهره : ولو بعد قسمة في خلطة أعيان مع بقاء النصيبين ، وقد وجبت الزكاة خلافا ل " المحرر " ( فأما من لا زكاة عليه كذمي ومكاتب ، فلا أثر لخلطته في جواز الأخذ ؛ لأن الجزء من خليطين يمكن رجوع كل منهما على الآخر ( ويرجع المأخوذ به على خليطه ) لقوله - عليه السلام - : " وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " ؛ أي : إذا أخذ من أحدهما ( بحصته من القيمة ) يوم أخذت لزوال ملكه إذن ؛ ولأنها ليست من ذوات الأمثال ، فيرجع بالقسط الذي قابل ماله من المخرج ، فإذا كان لأحدهما ثلث المال ، وأخذ الفرض منه ، رجع بقيمة ثلثي المخرج على شريكه ، وإن أخذه من الآخر رجع بقيمة الثلث ، يرجع رب عشرة من الإبل أخذت منه بنت مخاض على رب عشرين بقيمة ثلثيها ، وبالعكس بقيمة ثلثها ( فإن اختلفا في القيمة ) بأن قال المأخوذ منه : قيمتها عشرون ، وقال الآخر : بل قيمتها عشرة ( فالقول قول المرجوع عليه ) مع يمينه ( إذا عدمت البينة ) واحتمل صدقه ؛ لأنه منكر غارم ، وكالغاصب ، وظاهره أنه لا يقبل قوله مع وجود البينة ؛ لأن العمل يجب بما يقوله ، لأنها ترفع النزاع ( وإذا أخذ الساعي أكثر من الفرض ظلما ) ؛ أي : ثلاثا ، قيل : كأخذه عن أربعين مختلطة شاتين من مال أحدهما ( لم يرجع بالزيادة على خليطه ) ؛ لأنها ظلم فلا يجوز رجوعه على غير ظالمه وفاقا . وحينئذ يرجع على خليطه [ ص: 337 ] بنصف شاة فقط ، وذكر الشيخ تقي الدين فيها قولين للعلماء أظهرهما : يرجع ، وقال في المظالم المشتركة : وحينئذ تطلب من الشركاء ، يطلبها الولاة من البلدان أو التجار أو الحجيج أو غيرهم ، والكلف السلطانية على الأنفس أو الأموال أو الدواب ، ويلزمهم التزام العدل في ذلك ، كما يلزم فيما يؤخذ منهم بحق ، ولا يجوز لأحد أن يمتنع من أداء قسطه من ذلك بحيث يؤخذ قسطه من الشركاء ؛ لأنه لم يدفع الظلم عنه إلا بظلم شركائه ( وإن أخذه بقول بعض العلماء ) كأخذه صحيحة عن مراض ، أو كبيرة عن صغار ، أو قيمة الواجب ( رجع عليه ) ؛ لأن الساعي نائب الإمام ، فعله كفعله ، ولهذا لا ينقض ؛ لكونه مختلفا فيه كما في الحاكم ، قال في " المغني " و " الشرح " : ما أداه اجتهاده إليه وجب دفعه ، وصار بمنزلة الواجب ، وقال غيره : لأن فعله في محل الاجتهاد سائغ نافذ ، فترتب عليه الرجوع لسوغانه ، وقال أبو المعالي : إن أخذ القيمة ، وصار أحدها ، رجع بنصفها ، إن قلنا : القيمة أصل ، وإن قلنا : بدل ، فينصف قيمة الشاة ، وإن لم تجزئ القيمة فلا رجوع ، ولم يرتضه في " الفروع " ، وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء ، ولو اعتقد المأخوذ به عدمه ، وعلم منه أنه إذا أخرج أحد الخليطين فوق الواجب لم يرجع بالزيادة ، قال صاحب " المحرر " : عقد الخلطة : جعل كل واحد منهما كالإذن لخليطه في الإخراج عنه ، وكذا قاله ابن حامد ، غاب الآخر أو حضر ، واختار ابن حمدان : لا يجزئ .

                                                                                                                          تنبيه : إذا أخذ الساعي فرضا مجمعا عليه ، لكنه مختلف فيه : هل هو عن [ ص: 338 ] الخليطين ، أو عن أحدهما ، عمل كل في التراجع بمذهبه ؛ لأنه لا نقض فيه ، لفعل الساعي ، فعشرون خلطة بستين فيها ربع شاة ، فإذا أخذ الشاة من الستين رجع ربها بربع الشاة ، وإن أخذها من العشرين رجع بها بثلاثة أرباعها لا بقيمتها كلها ، ولا يسقط زيادة مختلف فيها بأخذ الساعي مجمعا عليه ، كمائة وعشرين خلطة بينهما ثلاث وستون عقب الحول بأخذ نصف شاة بناء على تعلق الزكاة بالنصاب والعفو ، وجعل للخلطة والتلف تأثيرا ، لزمهما إخراج نصف شاة ، ذكرهما في " منتهى الغاية " .




                                                                                                                          الخدمات العلمية