[ الموضع الثاني ]
[ المسافة التي يجب فيها القصر ]
وأما اختلافهم في الموضع الثاني ، ( وهي
المسافة التي يجوز فيها القصر ) ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك أيضا اختلافا كثيرا ، فذهب
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ، وجماعة كثيرة إلى أن الصلاة تقصر في أربعة برد ، وذلك مسيرة يوم بالسير الوسط . وقال
أبو حنيفة وأصحابه ،
والكوفيون : أقل ما تقصر فيه الصلاة ثلاثة أيام ، وإن القصر إنما هو لمن سار من أفق إلى أفق .
وقال أهل الظاهر : القصر في كل سفر قريبا كان أو بعيدا .
والسبب في اختلافهم : معارضة المعنى المعقول من ذلك للفظ ، وذلك أن المعقول من تأثير السفر في القصر أنه لمكان المشقة الموجودة فيه مثل تأثيره في الصوم ، وإذا كان الأمر على ذلك ، فيجب القصر حيث المشقة .
وأما من لا يراعي في ذلك إلا اللفظ فقط ، فقالوا : قد قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005933إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة " فكل من انطلق عليه اسم مسافر جاز له القصر والفطر ، وأيدوا ذلك بما رواه
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب "
أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان يقصر في نحو السبعة عشر ميلا " وذهب قوم إلى خامس كما قلنا وهو أن القصر لا يجوز إلا للخائف لقوله تعالى : (
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ، وقد قيل إنه مذهب
عائشة وقالوا : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قصر ; لأنه كان خائفا .
وأما اختلاف أولئك الذين اعتبروا المشقة فسببه اختلاف الصحابة في ذلك ، وذلك أن مذهب الأربعة برد مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، ورواه
مالك ، ومذهب الثلاثة أيام مروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وعثمان ، وغيرهما .