صفحة جزء
المسألة السابعة

[ هل يصير زوج المرأة أبا للمرضع ؟ ]

وأما هل يصير الرجل الذي له اللبن ( أعني : زوج المرأة ) أبا للمرضع ، حتى يحرم بينهما ومن قبلهما ما يحرم من الآباء والأبناء الذين من النسب وهي التي يسمونها لبن الفحل ؟ ، فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال مالك وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد والأوزاعي ، والثوري : لبن الفحل يحرم . وقالت طائفة : لا يحرم لبن الفحل . وبالأول قال علي ، وابن عباس ، وبالقول الثاني قالت عائشة ، وابن الزبير ، وابن عمر .

وسبب اختلافهم : معارضة ظاهر الكتاب لحديث عائشة المشهور ( أعني : آية الرضاع ) . وحديث عائشة هو : قالت : " جاء أفلح أخو أبي القعيس يستأذن علي بعد أن أنزل الحجاب ، فأبيت أن آذن له ، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه عمك فأذني له ، فقلت : يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ، ولم يرضعني الرجل ، فقال : إنه عمك فليلج عليك " خرجه البخاري ومسلم ومالك .

فمن رأى أن ما في الحديث شرع زائد على ما في الكتاب ، وهو قوله تعالى : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) ; وعلى قوله صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة " قال : لبن الفحل محرم .

ومن رأى أن آية الرضاع وقوله : " يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة " إنما ورد على جهة التأصيل لحكم الرضاع ; إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة قال : ذلك الحديث إن عمل بمقتضاه أوجب أن يكون ناسخا لهذه الأصول ، لأن الزيادة المغيرة للحكم ناسخة ، مع أن عائشة لم يكن مذهبها التحريم بلبن الفحل ، وهي الراوية للحديث ، ويصعب رد الأصول المنتشرة التي يقصد بها التأصيل والبيان عند وقت الحاجة بالأحاديث النادرة وبخاصة التي تكون في عين ، ولذلك قال عمر رضي الله عنه في حديث فاطمة بنت قيس : لا نترك كتاب الله لحديث امرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية