الفصل السادس
في مانع الجمع .
- واتفقوا على أنه
لا يجمع بين الأختين بعقد نكاح لقوله تعالى : (
وأن تجمعوا بين الأختين ) واختلفوا في الجمع بينهما بملك اليمين ، والفقهاء على منعه ، وذهبت طائفة إلى إباحة ذلك .
وسبب اختلافهم : معارضة عموم قوله تعالى : (
وأن تجمعوا بين الأختين ) لعموم الاستثناء في آخر الآية ، وهو قوله تعالى : (
إلا ما ملكت أيمانكم ) وذلك أن هذا الاستثناء يحتمل أن يعود لأقرب مذكور ، ويحتمل أن يعود لجميع ما تضمنته الآية من التحريم إلا ما وقع الإجماع على أنه لا تأثير له فيه ، فيخرج من عموم قوله تعالى : (
وأن تجمعوا بين الأختين ) . ملك اليمين ، ويحتمل أن لا يعود إلا إلى أقرب مذكور ، فيبقى قوله تعالى : (
وأن تجمعوا بين الأختين ) على عمومه ، ولا سيما إن عللنا ذلك بعلة الأخوة أو بسبب موجود فيهما .
واختلف الذين قالوا بالمنع في ملك اليمين إذا كانت إحداهما بنكاح والأخرى بملك يمين ، فمنعه
مالك وأبو حنيفة ، وأجازه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وكذلك اتفقوا فيما أعلم على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها ، لثبوت ذلك عنه عليه الصلاة والسلام من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وتواتره عنه عليه الصلاة والسلام من أنه قال عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006500لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها " .
[ ص: 427 ] واتفقوا على أن العمة هاهنا هي كل أنثى هي أخت لذكر له عليك ولادة ، إما بنفسه ، وإما بواسطة ذكر آخر .
وأن الخالة : هي كل أنثى هي أخت لكل أنثى لها عليك ولادة ، إما بنفسها ، وإما بتوسط أنثى غيرها ، وهن الحرات من قبل الأم .
واختلفوا هل هذا من باب الخاص أريد به الخاص ، أم هو من باب الخاص أريد به العام ؟ .
والذين قالوا : هو من باب الخاص أريد به العام اختلفوا أي عام هو المقصود به ؟ فقال قوم وهم الأكثر ، وعليه الجمهور من فقهاء الأمصار : هو خاص أريد به الخصوص فقط ، وأن التحريم لا يتعدى إلى غير من نص عليه . وقال قوم : هو خاص ، والمراد به العموم ، وهو الجمع بين كل امرأتين بينهما رحم محرمة أو غير محرمة ، فلا يجوز الجمع عند هؤلاء بين ابنتي عم أو عمة ، ولا بين ابنتي خال أو خالة ، ولا بين المرأة وبنت عمها أو بنت عمتها ، أو بينها وبين بنت خالتها . وقال قوم : إنما يحرم الجمع بين كل امرأتين بينهما قرابة محرمة ( أعني : لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لم يجز لهما أن يتناكحا ) .
ومن هؤلاء من اشترط في هذا المعنى أن يعتبر هذا من الطرفين جميعا ( أعني : إذا جعل كل واحد منهما ذكرا والآخر أنثى فلم يجز لهما أن يتناكحا ; فهؤلاء لا يحل الجمع بينهما ) . وأما إن جعل في أحد الطرفين ذكر يحرم التزويج ; ولم يحرم من الطرف الآخر ; فإن الجمع يجوز ، كالحال في الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها ، فإنه إن وضعنا البنت ذكرا لم يحل نكاح المرأة منه لأنها زوج أبيه ، وإن جعلنا المرأة ذكرا حل لها نكاح ابنة الزوج لأنها تكون ابنة لأجنبي ، وهذا القانون هو الذي اختاره أصحاب
مالك ، وأولئك يمنعون الجمع بين زوج الرجل وابنته من غيرها .