الجملة الرابعة .
[ في اختلاف المتبايعين ] .
وإذا
اتفق المتبايعان على البيع واختلفا في مقدار الثمن ولم تكن هناك بينة : ففقهاء الأمصار متفقون على أنهما يتحالفان ويتفاسخان بالجملة ، ومختلفون في التفصيل ( أعني : في الوقت الذي يحكم فيه بالأيمان والتفاسخ ) .
فقال
أبو حنيفة ، وجماعة : إنهما يتحالفان ويتفاسخان ما لم تفت عين السلعة ، فإن فاتت ، فالقول قول المشتري مع يمينه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
ومحمد بن الحسن صاحب
أبي حنيفة ،
وأشهب صاحب
مالك : يتحالفان في كل وقت .
وأما
مالك فعنه روايتان :
إحداهما : أنهما يتحالفان ، ويتفاسخان قبل القبض وبعد القبض ، والقول قول المشتري .
والرواية الثانية : مثل قول
أبي حنيفة ; وهي رواية
ابن القاسم ، والثانية رواية
أشهب ، والفوت عنده يكون بتغيير الأسواق ، وبزيادة المبيع ، ونقصانه .
وقال
داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : القول قول المشتري على كل حال ، وكذلك قال
زفر ، إلا أن يكونا اختلفا في جنس الثمن ، فحينئذ يكون التفاسخ عندهم والتحالف .
ولا خلاف أنهم إذا اختلفوا في جنس الثمن أو المثمون أن الواجب هو التحالف ، والتفاسخ ، وإنما صار فقهاء الأمصار إلى القول على الجملة بالتحالف ، والتفاسخ عند الاختلاف في عدد الثمن لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1006609أيما بيعين تبايعا ، فالقول قول البائع ، أو يترادان " .
فمن حمل هذا الحديث على وجوب التفاسخ ، وعمومه قال : يتحالفان في كل حال ويتفاسخان ، والعلة في ذلك عنده أن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه .
وأما من رأى أن الحديث إنما يجب أن يحمل على الحالة التي يجب أن يتساوى فيها دعوى البائع والمشتري قال : إذا قبض السلعة ، أو فاتت فقد صار القبض شاهدا للمشتري ، وشبهة لصدقه ، واليمين إنما يجب على أقوى المتداعيين شبهة ، وهذا هو أصل
مالك في الأيمان; ولذلك يوجب في مواضع اليمين على المدعي ، وفي مواضع على المدعى عليه ، وذلك أنه لم يجب اليمين بالنص على المدعى عليه من حيث هو مدعى عليه ، وإنما وجبت عليه من حيث هو في الأكثر أقوى شبهة ، فإذا كان المدعي في مواطن
[ ص: 552 ] أقوى شبهة وجب أن يكون اليمين في حيزه .
وأما من رأى القول قول المشتري ، فإنه رأى أن البائع مقر للمشتري بالشراء ، ومدع عليه عددا ما في الثمن .
وأما
داود ، ومن قال بقوله فردوا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ; لأنه منقطع; ولذلك لم يخرجه الشيخان
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، وإنما خرجه
مالك .
وعن
مالك : إذا
نكل المتبايعان عن الأيمان روايتان : إحداهما : الفسخ ، والثانية : أن القول قول البائع .
وكذلك من يبدأ باليمين ؟ في المذهب فيه خلاف ، فالأشهر البائع على ما في الحديث ، وهل إذا وقع التفاسخ يجوز لأحدهما أن يختار قول صاحبه ؟ فيه خلاف في المذهب .