المسألة الثالثة
[ جلود الميتة ]
اختلفوا في
الانتفاع بجلود الميتة ، فذهب قوم إلى الانتفاع بجلودها مطلقا دبغت أو لم تدبغ ، وذهب قوم إلى خلاف هذا ، وهو ألا ينتفع به أصلا وإن دبغت ، وذهب قوم إلى الفرق بين أن تدبغ ، وأن لا تدبغ ، ورأوا أن الدباغ مطهر لها ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبي حنيفة ، وعن
مالك في ذلك روايتان : إحداهما مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والثانية أن الدباغ لا يطهرها ، ولكن تستعمل في اليابسات ، والذين ذهبوا إلى أن الدباغ مطهر اتفقوا على أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة من الحيوان ( أعني المباح الأكل ) واختلفوا فيما لا تعمل فيه الذكاة ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أنه مطهر لما تعمل فيه الذكاة فقط ، وأنه بدل منها في إفادة الطهارة . وذهب
أبو حنيفة إلى تأثير الدباغ في جميع ميتات الحيوان ما عدا الخنزير .
وقال
داود : تطهر حتى جلد الخنزير .
وسبب اختلافهم : تعارض الآثار في ذلك ، وذلك أنه ورد في حديث
ميمونة إباحة الانتفاع بها مطلقا ، وذلك أن فيه أنه مر بميتة ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005700هلا انتفعتم بجلدها ؟ " وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=4939ابن عكيم منع الانتفاع بها مطلقا ، وذلك أن فيه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005701أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب : ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " قال : وذلك قبل موته بعام .
وفي بعضها الأمر بالانتفاع بها بعد الدباغ والمنع قبل الدباغ ، والثابت في هذا الباب هو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه - عليه الصلاة والسلام - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005702إذا دبغ الإهاب فقد طهر " فلمكان اختلاف هذه الآثار اختلف الناس في تأويلها ، فذهب قوم مذهب الجمع على حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( أعني أنهم فرقوا في الانتفاع بها بين المدبوغ وغير المدبوغ ) وذهب قوم مذهب النسخ فأخذوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=4939ابن عكيم لقوله فيه : قبل موته بعام .
وذهب قوم مذهب الترجيح لحديث
ميمونة ، ورأوا أنه يتضمن زيادة على ما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأن تحريم الانتفاع ليس يخرج من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قبل الدباغ ; لأن الانتفاع غير الطهارة ( أعني كل طاهر ينتفع به ) ، وليس يلزم عكس هذا المعنى ( أعني أن كل ما ينتفع به هو طاهر . )