فصل
ومن هنا يتصور
للعباد أن يكونوا دائرين بين الخوف والرجاء ; لأن حقيقة الإيمان دائرة بينهما ، وقد دل على ذلك الكتاب العزيز على الخصوص ; فقال :
إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون إلى قوله :
والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون [ المؤمنون : 57 60 ] وقال :
إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله [ البقرة : 218 ]
[ ص: 179 ] وقال :
أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه [ الإسراء : 57 ] وهذا على الجملة ، فإن غلب عليه طرف الانحلال والمخالفة ، فجانب الخوف عليه أقرب ، وإن غلب عليه طرف التشديد والاحتياط ; فجانب الرجاء إليه أقرب ، وبهذا كان عليه الصلاة والسلام يؤدب أصحابه ، ولما غلب على قوم جانب الخوف قيل لهم :
يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآية [ الزمر : 53 ] وغلب على قوم جانب الإهمال في بعض الأمور ; فخوفوا وعوتبوا كقوله :
إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة الآية [ الأحزاب : 57 ] فإذا ثبت هذا من ترتيب القرآن ومعاني آياته ، فعلى المكلف العمل على وفق ذلك التأديب