الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عبد الله ؟ قيس ؟ عرابة ؟

عبد الله ؟ قيس ؟ عرابة ؟

روي عن الهيثم بن عدي أنه قال : تناقش ثلاثة نفر في أجود الناس ، فقال رجل : أسخي الناس في عصرنا هذا عبد الله بن جعفر ، فقال الآخر : أسخي الناس قيس بن سعد بن عبادة ، فقال الآخر : بل أسخى الناس في عصرنا هذا عرابة الأوس : فتنازعوا بفناء الكعبة ، فقال لهم رجل : لقد أفرطتم في الكلام ، فليمض كل واحد منكم إلى صاحبه يسأله : حتى ننظر بما يعود ، فنحكم على العيان .
فقام صاحب ابن جعفر ، فوافاه وقد وضع رجله في ركاب راحلته ، يريد ضيعة له ، فقال الرجل : يا ابن عم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابن سبيل ومنقطع به ، قال : فأخرج رجله ، وقال : ضع رجلك ، واستو على الناقة ، وخذ ما في الحقيبة ، وكان فيها أردية من الخز ، وأربعة آلاف دينار .
ومضى صاحب قيس ، فوجده نائمـًا ، فقالت له جارية لقيس : ما حاجتك ؟ فقال : ابن سبيل ومنقطع به ، فقالت له الجارية : حاجتك أهون من إيقاظه ، هذا كيس فيه سبعمائة دينار ، ما في دار قيس اليوم غيرها ، وامض إلى معاطن الإبل ، فخذ راحلة من رواحله وما يصلحها وعبدًا ، وامض لشأنك ، قيل : إن قيسـًا لما انتبه ، أخبرته الجارية بما صنعت ، فأعتقها ، ولو لم تعلم أن ذلك يرضيه ما جسرت أن تفعله ، فخُلق خدم الرجل مقتبس من خُلقه .
ومضى صاحب عرابة ، فوجده قد خرج من منزله يريد الصلاة ، فقال : يا عرابة ابن سبيل ومنقطع به ، وكان معه عبدان فصفق بيده اليمنى على اليسرى ، وقال : أواه أواه ، والله ما أصبح ولا أمسى الليلة عند عرابة شيء، ولا تركت له الحقوق مالاً ، ولكن خذ هذين العبدين ، فقال الرجل ، والله ما كنت بالذي يسلبك عبديك ، فقال : إن أخذتهما وإلا فهما حران لوجه الله تعالى ، فإن شئت فخذ ، وإن شئت فأعتق ، فأخذ الرجل العبدين ومضى .
ثم اجتمعوا ، وذكروا قصة كل واحد ، فحكموا لعرابة ؛ لأنه أعطى على جهده .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة