تحتفل دولة قطر كعادة غالب البلاد الإسلامية حكومة وشعبًا بقدوم شهر رمضان، وتبرز مظاهر هذا الاحتفال من خلال الخطوات التي تُتخذ على المستويات كافة في الاستعداد لاستقبال رمضان، فعلى المستوى الإعلامي تكثر الكتابات والتحقيقات والبرامج المتعلّقة بقدوم الشهر المبارك، وتخصص لهذه المناسبة العزيزة مادة غزيرة ومتنوعة.
وتقوم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتنظيم برنامج وعظي وتثقيفي، يتم من خلاله تناول الأحكام المتعلّقة بهذا الشهر الفضيل، وكيفية استغلال الأوقات في هذا الشهر، وضرورة العمل على استثماره في الطاعات والقربات وصالح المبرّات ، إلى غير ذلك من الأمور المهمة.
ولا تقتصر وزارة الأوقاف القطرية على هذه الجوانب، بل تقوم بتكوين عدة قوافل دعوية لتغطية المناطق النائية والبعيدة، وأثر هذه القوافل واضح وملموس خصوصا في المساجد والمدارس وغيرها.
وكان لأبناء الجاليات من الاهتمام والرعاية أوفر النصيب، فقد تمّ تخصيص العديد من الدروس الشرعية والدورات التعليمية، والتي كان منها تعليم اللغة العربية والأحكام الشرعية.
وتستضيف الوزارة عدداَ من الدعاة والعلماء الأجلاء من خارج البلاد لتفعيل الجانب الوعظي والدعوي خلال هذا الشهر الكريم، حيث تُنظم عدة دورات تغطّي جوانب مهمة من التربية والدعوة، ويتم نقل هذه الندوات مباشرة عن طريق الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لتوسيع نطاق المستمعين لمثل هذه الندوات القيّمة.
ومن ناحية أخرى فإن علاقة الناس بالمساجد تزداد بشكل ملحوظ، حيث تزدهر المساجد بجموع المصلين، ويكثر قرّاء القرآن في الأوقات المختلفة، وينشط الناس لحضور الدروس التي يلقيها الأئمة والوعّاظ في المساجد.
وحرصاً على تفعيل النشاط الدعوي وتنمية الوعي الديني، فقد قامت جهات عدّيدة بتنظيم مسابقات رمضانية ذات أسئلة دينية، وعادة ما تُنشر أسئلة هذه المسابقات في المساجد والجرائد المحلّية، وتقوم كل جهة منظّمة بتخصيص جوائز ثمينة للفائزين وتُنشر أسماؤهم في الجرائد.
أما صلاة التراويح فتلقى حفاوة كبيرة وإقبالاً ملحوظاً من جمهور المصلين، إذ تعيش المساجد في أيام وليالي هذا الشهر أعيادًا لها. ويصلي الناس التراويح ثماني ركعات، وبعض المساجد تصلي عشرين ركعة، وبعضها يقرأ في الصلاة جزءًا كاملاً، وبعضها الآخر يقرأ ما تيسر له من القرآن.
وفي العشر الأخير من الشهر الكريم تقام صلاة الليل في العديد من المساجد القطرية، حيث يحرص فيها الأئمة على قراءة ختمة كاملة من القرآن، ويختلف مقدار هذه الصلاة من مسجد لآخر، فبعضهم يكتفي بقراءة جزء واحد، والبعض الآخر يقوم بقراءة ثلاثة أجزاء قراءة هادئة متأنّية.
كما ويحرص العديد على العمل بسُنَّة الاعتكاف، فتُخَصَّص لهم أماكن خاصة في المساجد للاعتكاف فيها، وتقوم بعض الجهات الخيرية بتوفير منامات على شكل خيام صغيرة كي ينام فيها المعتكفون.
على الطرف الآخر من المشهد الرمضاني القطري، يستعد الناس بشكل غير عادي لرمضان بتجهيز الأغذية الرمضانية، وشراء المواد الاستهلاكية الخاصة بهذا الشهر. فأنت ترى قبيل رمضان بأيام وقد ازدحمت المجمعات الاستهلاكية، وزاد الطلب على شراء المواد الغذائية، وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس في هذا الشهر الكريم.
ومما يُلاحظ في هذا البلد الكريم انتشار موائد خاصة لإفطار الصائمين في المساجد ومقارّ الجمعيات وغيرها ، حيث يقوم المحسنون من أبناء البلد والجمعيات الخيرية المختلفة بإعداد الموائد الرمضانية المخصّصة للفقراء والمساكين والعمّال في الدولة، ويمتدّ أثر هذه الأعمال الخيرية ليشمل خدمة المصلّين أثناء صلاة التراويح بتوزيع الماء وبعض القهوة وغيرهما.
ويعم دولة قطر في رمضان على المستوى الشعبي والرسمي والدعوي جو إيماني رمضاني قرآني يُشْعِر بمكانة شهر الصوم ومنزلته.
ويحرص الناس على أداء صلاة العيد في المصليات الخاصة، كما تقام صلاة العيد في المساجد في المناطق التي لا تتوفر فيها مصليات خاصة للعيد.
ومن العادات المعهودة في صباح اليوم الأول من العيد، وبعد أداء الصلاة، خروج الأطفال بلباس العيد، حيث ينتقلون من بيت إلى بيت ليجمعوا العيدية والهدايا المخصصة لهذه المناسبة العزيزة على قلوب الصغار والكبار، ويتبادل الناس الزيارات في جو تشعّ منه روح الألفة والمحبة ، وتسود فيه مظاهر الألفة والتقارب.