الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغرب والإسلام وفلسطين

الغرب والإسلام وفلسطين

يهدف كتاب "الغرب والإسلام وفلسطين.. حقوق تاريخية أم استعمار وصراع مصالح" بشكل عام إلى توضيح الكثير من حقائق الماضي والحاضر المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والأطماع والمصالح الغربية في الشرق، وأسس العلاقة بين الغرب والشرق وغاياتها.

ويقارن بين تعامل المسلمين مع غيرهم على مدى عصور، وتعامل الغرب مع المسلمين، داعيا إلى وضع حد لانتهاكات الغرب لحقوق الشعب الفلسطيني بحجة مكافحة الإرهاب.

ويقول المؤلف الأستاذ محمود طلب النمورة في مقدمة كتابه الذي يقع في 12 فصلا : إن النزاع حول فلسطين وباسمها من أطول النزاعات التي عرفها العالم في العصر الحديث.

وبدلا من إيجاد حل له تضافرت عوامل وقوى دولية ومحلية وأخفت الحقيقة وأدخلته في دوامات ومتاهات لا نهاية لها.

أهمية الكتاب

تكمن أهمية الكتاب في كونه يحتوي على كم هائل من المعلومات المتعلقة بالقضية الفلسطينية من كافة الأوجه الإنسانية والدينية والأخلاقية والتاريخية والقانونية والسياسية منذ أقدم العصور وحتى وقتنا الحاضر. مستندا إلى الأدلة والبراهين العلمية الموثقة لتدعيم ما يقوله.

ويجمع الكتاب بين السرد التاريخي والتحليل العلمي القائم على المفاضلات القانونية والأخلاقية واعتبارات العدل والمساواة والحرية، وليس على منطق القوة وقانون الغاب والأخلاق الظرفية والنفعية الأنانية كما يفعل كثير من الدارسين والأكاديميين الغربيين خاصة لدى تعاملهم مع الشعوب والقضايا الإسلامية.

ولإقناع القارئ بمضمون كتابه يقارن المؤلف بين القواعد والأنماط الإسلامية في التعامل مع الغير عبر العصور، والممارسات الغربية القائمة على الكذب والخداع والعنصرية، حسب وصفه.

وبكثير من الأدلة يسرد المؤلف مجموعة من الحقائق والأدلة القاطعة على أن المسلمين والعرب الفلسطينيين لم يكتبوا تاريخ فلسطين بأيديهم، بل تركوه لأعدائهم ليكتبوه لهم رغم أن هؤلاء الأعداء هم الذين هدموا الدولة الإسلامية.

يؤكد المؤلف أيضا أن الوجود العربي في فلسطين سبق الغزو العبري بآلاف السنين، ثم يثبت أن النزاع الحالي في حقيقته ليس بين العرب واليهود الذين عاشوا معا قرونا عديدة، وإنما هو بين المشرق الإسلامي العربي والغرب من أجل الربح المادي والأسواق والمواقع الإستراتيجية.

ويجزم بأن التآمر على فلسطين لم يبدأ مع وعد بلفور عام 1917م، ولا مع مؤتمر بازل عام 1897م، ولا مع غزو نابليون عام 1798م، وإنما تعود أصوله إلى القرن السادس عشر عندما اعتنقت بريطانيا البروتستنتية، ودعت إلى إعادة اليهود إلى فلسطين من أجل تعجيل قدوم المسيح المخلص.

تزوير التاريخ

يستعرض الفصل الأول من الكتاب بعض جوانب التشويه والتزوير الذي قام به الغرب ووكلاؤهم الصهاينة -كما يذكر المؤلف- لتاريخ العرب والمسلمين وخاصة ما يتعلق بفلسطين.

ويسوق الأدلة على أن حملة الغرب على الشرق لم تقف عند حد الحملات العسكرية بل تعدتها إلى سياسات وحملات فكرية أعمق وأوسع وأشد خطرا، متخذة أشكالا عدة كتشويه علاقة الدولة الإسلامية بفلسطين والعرب، وتجاهل التاريخ الفلسطيني القديم.

أما الفصل الثاني فيقدم مادة موضوعية مستقاة من مصادر عالمية وعربية إسلامية ومسيحية غربية ويهودية إسرائيلية لترسيخ الوعي العالمي والإسلامي والعربي بحقيقة تاريخ فلسطين العربي قبل الإسلام وصولا إلى الفتح الإسلامي عام 637م.

ثم يستعرض الدول والأقوام التي حكمت أو استوطنت فلسطين قبل الإسلام، ومدة حكم كل منها، وسياستها تجاه فلسطين وبخاصة من حيث الضرائب وحرية الاعتقاد. ويذكر القبائل العربية التي استوطنت أو حكمت فلسطين أو أجزاء منها قبل الفتح الإسلامي والتي جاء بعضها قبل العبرانيين واستمرت حتى الفتح الإسلامي.

وفي الفصل الثالث من الكتاب يوضح المؤلف الفرق بين عهود المسلمين وعهود الغرب للأقوام التي يحكمونهم أو يتعاملون معهم أثناء السلم.

كما يوضح الفرق بين حروب العبرانيين واليونان والرومان والصليبيين ونابليون وإبراهيم باشا والإسرائيليين في فلسطين، ويقارن بينها وبين الفتح الإسلامي من ناحية سلوك المحاربين أثناء الحرب.

بعد ذلك يناقش في الفصل الرابع علاقة الحاكم بالأقليات التي تحت حكمه زمن السلم، فيحلل الفرق بين معاملة أوروبا المسيحية لليهود منذ الاحتلال الروماني، ومعاملة الدولة الإسلامية لهم حتى عام 1918، ومعاملة إسرائيل للعرب منذ عام 1948.

وقسم الباحث هذا الفصل إلى ستة موضوعات فرعية هي الحق في حرية العبادة والاعتقاد، والحق في الحياة، والحق في ملكية الأرض، والحق في ملكية بيت دون هدم، والحق في السكن والتنقل بدون طرد أو غيتو، وأخيرا الحق في العمل والمشاركة في الوظائف والاقتصاد دون تمييز.

الدين والاستعمار

ويتحدث الفصل الخامس عن أساطير ومقولات العهود الإلهية والشعوب المختارة والحقوق التاريخية. مفندا تلك الأساطير والمقولات اعتمادا على مصادر موضوعية غربية ويهودية وإسلامية وعربية عديدة.

ثم يثبت بشكل لا يدع مجالا للشك أن القانون الدولي لا يعترف بأي دور للديانات ولا للأساطير الملصقة بها زورا وبهتانا في تمليك الأرض والبلدان، أي يوضح كيف سار قطار الاستعمار الغربي على خطين لا يلتقيان ولا يفترقان: حجة الدين بعودة اليهود لفلسطين من جهة، وهدف استعمار المشرق والهيمنة على موارده وطرقه التجارية ومواقعه الإستراتيجية من جهة أخرى.

أما الفصل السادس فيحاول توضيح الفروق بين الحضارتين الغربية والإسلامية، وما الذي يجوز للمسلمين أن يأخذوه من الحضارة الغربية، وفضل الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية والعالم بشكل عام.

ويناقش أيضا مقولات صراع الحضارات والعولمة والإرهاب، ليجيب بالتالي عن العديد من التساؤلات المطروحة، ومنها هل تتصارع الحضارات أم مصالح أصحابها هي التي تتصارع؟ ولماذا يعادي الغرب الإسلام والحضارة الإسلامية رغم أنه يسيطر على بلاد المسلمين ويستحوذ على خيراتهم وأسواقهم؟

ويلقي الفصل السابع الضوء باختصار على موضوع شرعية إسرائيل الدولية كقاعدة للغرب في المشرق، ثم يوجز جرائم إسرائيل والغرب الذي صنعها وأوكل إليها القيام بمهمات نيابة عنه بحق العرب والمسلمين في حروب أعوام 1948، 1956، 1967، والعدوان الأميركي الإسرائيلي على لبنان عام 1982، وجرائم إسرائيل التي قامت بها في ظل الصمت العربي والتآمر الغربي أثناء انتفاضة الحجارة بين عامي 1987 و2000.

يخصص الباحث الفصل الثامن من كتابه لسرد الحجج والأعذار التي استخدمها الغرب من أجل الاعتداء على العرب والمسلمين، ومنها الحجج الدينية وأساطير معركة "هرمجدون" بين الخير والشر، ونهاية التاريخ، وعبء الرجل الأبيض، ورسالة التحضير.

ثم يوضح كيف انتقل الغرب من النظرية إلى التطبيق, فيشرح ويحلل جرائم الغرب بحق العرب والمسلمين في عهد ما يسمى بـ"صراع الحضارات" و"العولمة" و"الإرهاب"، ويوجز دور أميركا في الحرب العراقية الإيرانية 1980 -1988، وفي الانقلاب البعثي في العراق، وفي دعم الرئيس العراقي صدام حسين للاعتداء على الكويت، وكيف اتخذت أميركا ذلك ذريعة لتحطيم العراق.

ثم ينتقل في الفصل التاسع للحديث عن كيفية استغلال الغرب بأبشع الصور للديانات السماوية اليهودية والمسيحية والأساطير التي ألصقها بها لتحقيق أغراض استعمارية عدوانية، بينما يقوم بحرمان الشعوب الأخرى من حقها في حرية الاعتقاد، ويتدخل في ديانات ومعتقدات الشعوب الأخرى، ويحاول أن يفرض عليها أفكاره وحضارته ومعتقداته الضارة بهم.

الديمقراطية الأميركية

يركز المؤلف في الفصل العاشر على موضوع الديمقراطية الغربية بشكل عام، والأميركية بشكل خاص ويقدم أدلة واقعية موثقة على أن أميركا وبريطانيا وفرنسا خالفت قيمها الديمقراطية بل قلبتها رأسا على عقب.

ويجيب أيضا عن السؤال فيما إذا كانت أميركيا ديمقراطية حقا واحترمت قيمها الديمقراطية أم لا؟

فيما يبحث في الفصل الحادي عشر في الحرب الأميركية الإسرائيلية على لبنان والمقاومة اللبنانية في صيف العام الماضي، وأهداف أميركا وإسرائيل الحقيقية من تلك الحرب، والحجج والأعذار الكاذبة المعلنة بشأنها وجرائم الحرب التي ارتكبت أثناءها.

كما يحلل نتائج تلك الحرب على لبنان والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية والعرب والمسلمين وأميركا، وكيف أن إسرائيل خسرت تلك الحرب لأنها لم تحقق الأهداف التي شنتها من أجلها.

ويناقش أيضا الحق في المقاومة الذي أقرته الديانات السماوية والشرعية الدولية والأمم المتحدة، وموقف الغرب الذي وصفه المؤلف بالمنافق من ذلك الحق.

أما في الفصل الثاني عشر والأخير فيعالج المؤلف دور أميركا وبريطانيا وفرنسا في نكبة فلسطين ويوضح مسؤوليتها عن الجرائم التي ارتكبت بحق فلسطين، وأنها ظلت حتى اليوم تحول دون إيجاد حل للنزاع، وكيف استخدمت الفيتو والامتناع عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة لتحقيق هذا الغرض.

كما يلخص جميع قرارات مجلس الأمن التي أجهضتها أميركا عن طريق الفيتو، وقرارات مجلس الأمن التي أدانت إسرائيل.

ويوجز أيضا اعتداءات الغرب على المشرق ضد الحروب الصليبية ونفاقه في تطبيق الشرعية الدولية، ومؤامرات الغرب على المشرق منذ سايكس بيكو عام 1916م إلى اليوم مع التركيز على خدعة أميركا والسراب الذي اقترحته كحل لنزاع الغرب والشرق في أوسلو وكامب ديفد عام 2000، وانتفاضة الأقصى ويقدم الأدلة على أن أميركا لم تكن تهدف إلى إحلال السلام.

توصيات

يوصي المؤلف في نهاية كتابه باتخاذ الإجراءات الضرورية لتصحيح الأفكار والمفاهيم والمعلومات التاريخية الكاذبة والمخادعة والمضللة التي بثّها الغرب عبر وسائله المختلفة، دون أن يكون لها أساس من الصحة، وفضح زيفها.

كما يوصي بالكف عن انتظار الخير من الغرب أو توقع العدل منهم، ويوصي العرب والمسلمين بعدم الثقة به بعدما ارتكبه بحقهم من جرائم وغدر.

مستشهدا باقتباس من كتاب جيمي كارتر الأخير الذي جاء فيه أن "أحد العوائق الكبرى للسلام تتمثل في سياسة واشنطن التي تقول إن الحوار بشأن المسائل الخلافية الخاصة بالسلام هو امتياز يمنح فقط كمكافأة للذين "يخنعون" أو "يذعنون بذلة" ويمنع عن الذين يرفضون أوامر أميركا".

كما يطالب الدول والشعوب العربية والإسلامية، ودول وشعوب العالم الثالث برفض مبادرات الغرب الكاذبة -حسب تعبيره- وعدم تعليق أية آمال "على الغرب وديمقراطيته المنافقة والقائمة على النفعية"، وأن تتحد من أجل إحباط مخططات الغرب الهادفة إلى استمرار السيطرة على مواردها والحيلولة دون قيامها باسترداد حقوقها في فلسطين.

وينتهي إلى مطالبة الفلسطينيين بشكل خاص بمحاربة الفساد في الدوائر الحكومية بكافة أشكاله والاستعمال الرشيد للموارد نظرا لوجود الاحتلال ومرحلة التحرر التي يعيشونها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزيرة نت

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة