الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عواقب الشهوات

عواقب الشهوات

عواقب الشهوات

يزعم صاحبي أن "الشبهات" هي أساس الضلال بينما أسلم له أنها تشارك شقيقتها "الشهوات" لكن "الشهوات" قد تقدمت عليها وتكاد تكون اكتسحتها إذ هي في رأيي المتواضع البداية فهي أولا والشبهات ثانيا أو لاحقا، وصاحبي ينازعني إلا أن الشبهات هي البدايات … لا عليك المهم أن القوم صرعى وهنا يا صاحبي "اتفقنا".

ومن درر الإمام ابن القيم – رحمه الله- في مساوئ الشهوات قوله: الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة، فإنها إما أن توجب ألما وعقوبة، وإما أن تقطع لذة أكمل منها، وإما أن تضيع وقتا إضاعته حسرة وندامة، وإما أن تثلم عرضا توفيره أنفع للعبد من ثلمه ، وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه، وإما أن تضع قدرا وهاجا قيامه خير من وضعه، وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك، وإما أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة، وإما أن تنسي علما ذكره ألذ من نيل الشهوة، وإما أن تُشمِت عدوا وتحزن وليا، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة، وإما أن تحدث عيبا يبقي صفة لا تزول، فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق.

هذا ما عدده الإمام – رحمه الله- لمساوئ الشهوات والذي يهمني في كلامه - وهو مهمٌّ كله- قوله في نهاية الكلام: الأعمال تورث الصفات والأخلاق، ففي هذه الجملة اختصار واقع الأمة، لأن جينات الوراثة لم تتلاعب بها أميركا في معاملها لاستبدالها تغيرها وإنما أدركت سر اللعبة وعرفت كيف تعامل "العرب" وغير المنظومة الجينية لهم، فسحقا لمندل وقوانينه.

ياعزيزي بل يا صديقي صدق ما سأذكره لأنني سمعته من صاحبه بنفسه، إنه شاب عربي مسلم أو عاد مسلما جاء إلى اليونان بحثا عن عمل ولما أعوزته الحيلة كان أن تعرف على "امرأة" وصارت بينهما علاقة وأظهرت له أنها ستساعده في ظروفه إذا تزوج بها فوافق على الفور فاشترطت عليه أن يكون الزواج بالكنيسة على طريقتهم فوافق وذهب وهناك أخبروه أنه لابد من تعميده ليصبح نصرانيا، قال لي: فوافقت مجاملة لا اعتقادا في صحة دينهم أو تصحيحا لكفرهم وهكذا كان حتى عاش حياتهم ملتزما بالنصرانية والكنيسة أكثر منهم وهو يؤكد أنه كان في حاجة لذلك من باب "المجاملة" لا أكثر ولا أقل، وشاء الله تعالى بعد الوحدة الأوروبية أن يترك اليونان إلى ألمانيا ويفارق شهوته أو "امرأته" ليتنفس شيئا من حريته وليفكر في أمره مرة ثانية وثالثة وكيف إذا مات فعلى أي دين يموت؟!!

وجاء إلي وحضر درسي بعد العصر ليحدثني عن مصيبته ويؤكد أنه كان يجامل فقط وأنه كان نصرانيا في الظاهر وأنه بريء من كل ما يخالف الإسلام باطنا وماذا عليه الآن أن يعمل وهو يريد أن يموت على الإسلام وأن يسترد دينه ويعود إلى إسلامه … هذه حادثة جاءني بها صاحبها مستفتيا تائبا، ومثيلتها في جعبتي يا أستاذ كثير … إنها الشهوات، التاريخ يقول هذا والواقع يصدقه، والقرآن قبل هذا وهذا يؤكده "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما" النساء:27

قال ابن جرير: يريد الذين يطلبون لذات الدنيا وشهوات أنفسهم فيها. "أن تميلوا" عن أمر الله تبارك وتعالى، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرم عليكم وركوبكم معاصيه.

يريدون أن ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، من أي لون كان. السعار المحموم الذي لا يقر معه قلب، ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت، ولا يسلم معه عرض، ولا تقوم معه أسرة.

ــــــــــــــ

محمد التميمي

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

خواطـر دعوية

فأما اليتيم فلا تقهر

إن مظلة العدالة في الإسلام تحمي الضعاف، وتحنو على الصغار وتحفظ حقوقهم وتنظم علاقاتهم فلا يستذل فيها ضعيف لضعفه،...المزيد