الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اليهود.. والخطاب الديني الدموي؟

اليهود.. والخطاب الديني الدموي؟

إن أسوأ ألوان الافتراء هو افتراء الإنسان على الله، وإذا كان اليهود قد انقلبوا على التوحيد في حياة موسى عليه السلام، فاتخذوا العجل الذهبي إلهًا.. فإنهم بعد غزوهم لأرض كنعان ـ فلسطين ـ قد ارتدوا إلى الوثنية والأخلاق الجاهلية، وانقلبوا على التوحيد والشريعة التي جاء بها موسى عليه السلام..

ولقد جاء في تراثهم وصف هذا الذي انقلبوا إليه.. ففي سفر ("إشعيا" ـ إصحاح 57: 4،5): "أما أنتم يا أولاد المعصية، نسل الكذب، المتوقدون على الأصنام تحت كل شجرة خضراء، القاتلون لأولادهم تحت شقوق المعاقل"..

كما جاء في سفر حزقيال (إصحاح 17: 20) قول الرب لأورشليم، في وصف الردة اليهودية عن التوحيد إلى عبادة الأصنام: "أخذت بنيك وبناتك الذين ولدتهم لي وذبحتهم لها طعاما".. وهو النص الذي يشرحه التراث اليهودي "بأن أهل أورشليم قد مارسوا كل عبادة الكنعانيين الفاسدة، كما مارسوا وثنية غيرهم من الأمم الوثنية كالآشوريين والمصريين والكلدانيين والأموريين والحيثيين، بل إنهم فاقوهم في ممارسة هذه الوثنية، حتى أخذوا بنيهم وبناتهم وذبحوهم للآلهة الوثنية طعامه بل وأجازوهم في النار".

وبعد هذه الردة العبرانية عن التوحيد الديني والشريعة الموسوية.. وبعد حدوث السبي البابلي للقبائل العبرانية (597 ـ 538ق.م) تحولت اليهودية عند هؤلاء العبرانيين من دين توحيد إلى "عنصرية"، فلم يعد اليهودي هو المؤمن بشريعة موسى ـ عليه السلام ـ وإنما هو "المولود من أم يهودية"!.. حتى ولو كان ملحدًا أو ابن زنا!!..

وفي ظل هذه العنصرية ونفسية الحقد ضد الأخيار والأمم ـ كل من عدا اليهود ـ أعاد أحبارهم وحاخاماتهم ـ بقيادة "عزرا" (القرن الخامس قبل الميلاد) ـ "غيزير" ـ كتابة التراث الديني اليهودي، فجاء طافحًا بالفاشية العنصرية ضد كل من عدا العبرانيين من الشعوب الأخرى، تشيع فيه دعوى أن هذه القلة من القبائل العبرانية هم وحدهم شعب الله المختار.. الشعب المقدس.. المعصوم.. دون جميع الشعوب، وفوق جميع الشعوب.. بل لقد زعموا ـ في هذا الذي كتبوه بأيديهم ثم نسبوه إلى الله ـ إن الله ـ تعالى عن ذلك ـ قد أوجب عليهم إبادة كل من عداهم، من البشر إلى الشجر إلى الحجر إلى الحيوانات.. وطلب منهم أن يأكلوا أكل الشعوب أكلاً، وذلك دون أن يقطعوا لهذه الشعوب عهدًا أو أن تشفق أعينهم على هذه الشعوب!!..

نعم.. لقد سطر اليهود هذا "الخطاب الديني العنصري الفاشي".. ثم نسبوه إلى الرب.. وعندما أقاموا دولتهم الصهيونية على أرض فلسطين، اعتبروا الفلسطينيين مثل "العماليق" القدماء، فمارسوا ـ ولا يزالون يمارسون ـ معهم هذه الإبادة التي جعلوها دينًا من تاريخهم القديم..

إنهم يمارسون اليوم ـ على أرض فلسطين.. وفي القرن الواحد والعشرين ـ ورغم "التنوير" و"الحداثة" و"ما بعد الحداثة" ـ وبالرغم من دعاوى "التأويل" و"تاريخية النصوص" ـ يمارسون ما كتبته أيديهم ـ في سفر "الخروج" (إصحاح 17: 14) "فقال الرب لموسى: أكتب هذا تذكارًا في الكتاب، وضعه في مسامع يشوع، فإني سوف أمحوا ذكر عماليق من تحت السماء".

ولقد نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" في 26/3/2008م، فتاوى كبار الحاخامات في إسرائيل ـ "يسرائيل روزين ـ رئيس معهد تسوميت، وأحد أهم المرجعيات في الإفتاء اليهودي ـ والحاخام "مردخاي إلياهو" ـ الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين ـ والحاخام "دوف ليئور" ـ رئيس مجلس حاخامات المستوطنات في الضفة الغربية ـ.. وفي هذه الفتاوى يوجبون تطبيق حكم "عملاق" على أبناء فلسطين!.. فأين العالم المستنير من هذا الخطاب الديني الدموي..

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة