الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هكذا يفعل الحب

هكذا يفعل الحب

هكذا يفعل الحب

حب المسلم لدينه ولدعوته أحيانا يفوق الوصف ويتخطى الخيال، وقد قرأنا في سيرة الصحابة والسابقين حكايا مبهرة، وقصصا تفوق في واقعيتها الخيال، وما زالت الأيام تحمل لنا عجائب وغرائب.. لا يمكن أن يصدقها إلا من عرف معنى الحب.

وقول القائل: "حبك الشيء يعمي ويصم"، فيه كثير من الحقيقة بل هو فعلا حقيقة.. فالحب الحقيقي ينسي الإنسان الجوع، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني).. وينسي الإنسان الألم، كما كان بلال يعذب ويستعذب قولته: أحد أحد.. وينسي الإنسان نفسه فيسترخصها في جنب من يحب، كما في قول خبيب بن عدي رضي الله عنه، وينسي الإنسان أهله وزوجه ووالده وولده، كما قالت المرأة وقد قتل أبوها وأخوها وزوجها في يوم أحد: "كل مصيبة بعدك يارسول الله جلل". أي حقيرة صغيرة هينة.. وهذا باب يصعب تقصيه.

فإذا جمع الإنسان مع الحب الصدق همة عالية بلغ الثريا وطاول الجوزاء، وسبق سبقا بعيدا.. وهذا ما فعله هذا الشاب صغير السن رفيع القدر عظيم الهمة.

قصة عجيبة
قصته قرأتها قديما وقد ذكرها بعض الدعاة فاسمعه وهو يحكيها بنفسه يقول:
ذهبت إلى دولة السويد في شهر رمضان.. كنت في رحلة دعوية لإلقاء بعض المحاضرات..
دعاني بعض الأخوة في أحد المراكز الإسلامية للقاء عدد من الشباب السويديين المسلمين..
دخلت المركز بعد الظهر.. فإذا هم مجتمعون في حلقة ينتظرون.. كانوا جالسين على الأرض..
لفت نظري غلام لم يتعدَّ عمره خمس عشرة سنة.. اسمه محمد.. جنسيته سويدي.. لكنه من أصل صومالي..
رأيته مقعداً على كرسي متحرك.. وقد ربطت يداه في جانبي الكرسي لأنها تنتفض بشكل دائم ولا يملك التحكم فيها.. وهو إلى ذلك كله لا يتكلم.. ورأسه ينتفض أيضاً طوال الوقت.

أشفقت عليه لما رأيته.. اقتربتُ منه.. فهشّ في وجهي وبدأ يتبسم وينظر إليَّ ويودّ لو كان يستطيع أن يقوم..
سلمتُ عليه فإذا هو لا يفهم العربية لكنه يتكلم الإنجليزية والسويدية بطلاقة.. إضافة إلى اللغة الصومالية..

بدأت أحدّثه عن المرض وفضله وعِظم أجر المريض.. وهو يهزّ رأسه موافقاً..
لاحظتُ أن أمامه لوحاً صغيراً قد علّق عليه ورقة فيها مربعات صغيرة وفي كل مربع جملة مفيدة: شكراً.. أنا جائع.. لا أستطيع.. اتصل بصديقي.. الخ.. فتعجبتُ من هذه الورقة.. فأخبرني أحد الحاضرين أن هذا الغلام إذا أراد الكلام ركبوا على رأسه حلقة دائرية يمتدّ منها عصا صغيرة، فيحرك رأسه بين هذه المربعات حتى يضع طرف العصا على المربع المطلوب فيفهمون منه ما يريد..!! وهذه هي الطريقة الوحيدة للتفاهم معه.. فهو لا يتكلم.. ولا يتحكم بحركة يديه..

تكلمت معه عن فضل الله علينا بهذا الدين.. وأن المرء إذا وفق للإسلام فلا عليه ما فاته من الدنيا.. فاكتشفتُ أن محمداً هذا من أكبر الدعاة.. كيف؟!! أنا أخبرك بذلك:

وزارة الشئون الاجتماعية السويدية قد خصصت له رجلين موظفَين يأتيان لخدمته في الصباح.. واثنين يأتيانه في المساء..
فإذا جاءه رجل غير مُسلم.. طلب منه عن طريق الإشارة على هذه الورقة أن يتصل بصديقه فلان.. فإذا اتصل هذا الموظف بالصديق، طلب منه محمد أن يسأل صديقه: ما هو الإسلام؟
فيجيب الصديق على السؤال.. فيحفظه الموظف ثم يشرحه لمحمد..
ثم يطلب محمد من الموظف أن يسأل الصديق عن الفرق بين الإسلام والنصرانية؟..
فيجيب عن ذلك..

ثم يطلب منه أن يسأل عن حال المسلم وغير المسلم يوم القيامة؟ فيجيب الصديق ويشرح الموظف..

حتى إذا فهم الموظف الكلام كله أشار له محمد إلى درج المكتب فيفتحه.. فيجد فيه كتباً في الدعوة إلى الإسلام.. فيأخذ منها ويقرأ..
وقد تأثر بسبب ذلك أشخاص كثيرون..

فلله درُّ محمد ما أكبر همّته.. لم يقعده المرض عن الدعوة.. بل ولا عن البشاشة والسرور..

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

قضايا شبابية

أفشوا السلام بينكم

إفشاء السلام بين المسلمين سبب من أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، والمقصود بإفشاء السلام نشره والإكثار منه،...المزيد