الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين العلم والذكاء

بين العلم والذكاء

بين العلم والذكاء

كثيراً ما يتجادل الناس في مسألة المفاضلة بين العقل والعلم، وفي القدر المطلوب منهما للإبداع والاختراع والتفوق.. وفي مرحلة من تاريخنا كان كثير من المثقفين يعتقدون أن تفضيل العلم على العقل شيء لا يليق بمثقف رصين، ومن أدبيات الجدال في هذه المسألة ما ذكره أحد الشعراء حين قال:
علم العليم وعقل العاقل اختلفا .. .. من ذا الذي منهما قد أحرز الشرفا
فالعلم قال أنا أحرزت غايتـه .. .. والعقل قال أنا الرحــمن بي عـرفا
فأومــأ العـــلم إيمــاءً وقـال له .. .. بأينا الرحمن في فرقـانـنا اتصـــفا
فبـان للعــقـل أن العـلم ســـيده .. .. فقــبل العــقل رأس العـلم وانصرفا

لا أحد يا أبنائي وبناتي يستطيع أن يهون من شأن الذكاء ومن دوره في تنظيم المعرفة وخضها من أجل الوصول إلى شيء جديد.. ولا أريد هنا أن ألفت نظركم إلى أشياء بدهية، لكن أود أن أشير إلى أن كلاً من الذكاء والعلم أساسي في الإبداع والنجاح.. لكن كلما قل العلم ظهر دور الذكاء وكلما كثر العلم تراجع دور الذكاء، وإن الحجم المتاح من العلم اليوم شيء هائل، وإن المعرفة تتضاعف في هذا العصر كل خمس عشرة سنة مرة؛ مما يعني أن قيمة الذكاء تتراجع باستمرار..

ومن هنا فإن الاعتقاد السائد الآن هو أن العلم هو المصدر الأساسي لتشكيل العقل وقد شبه أحدهم العقل بالرحى التي تطحن الحبوب، وشبه العلم بالقمح الذي نصبه فيها، فمهما كانت الرحى عظيمة فإنها لن تخرج لنا طحيناً إلا من نوع القمح الذي وضعناه فيها، وإذا لم نضع فيها شيئاً لن تخرج لنا شيئاً.

ذكاء متوسط مع تعلم جيد ومع جد ومثابرة وتخطيط طموح أجدى على صاحبه وأنفع له من ذكاء متوهج وعال جدا "لكن لا يصحبه تنظيم ولا علم ولا طموح".
وهذا هو التفسير الصحيح لما نراه من تسجيل كثيف لبراءات الاختراع لدى بعض الدول سنويا، وما نراه من شح في ذلك لدى دول أخرى؛ حيث أن الذكاء على مستوى الأمم والشعوب موحد تقريبا. إن الذكاء ـ فعلا ـ لا ينفع الذين لا يملكون شيئا سواه.

ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لأبنائي وبناتي؟
إنه يعني الآتي:
1 ـ لا تفكروا في مستقبلكم ولا ترسموا أهدافكم بناء على ما لديكم من ذكاء، ولكن حاولوا أن تحصلوا العلم النافع الذي يساعدكم على الوصول إلى تلك الأهداف.

2 ـ لا تلتفتوا إلى ما قد يقوله فيكم بعض ذويكم وبعض أساتذتكم من أنكم متوسطو الذكاء أو محرومون منه، واعملوا على الاستفادة من أوقاتكم إلى أقصى حد، وادرسوا التخصصات التي تميلون إليها وتحبون القراءة فيها.

3 ـ حين يبلغ أحدكم أشده، فليحرص على تلقي العلم عن نبهاء عصره، فإن المرء حين يأخذ عن الكبار فإنه يرشح نفسه ليصبح مثلهم، وابحثوا عن الجامعات الممتازة ولو كانت مكلفة؛ لأن التعليم والتدريب الجيدين يعوضان المرء عن بعض ما قد يكون لديه من نقص في الإمكانات العقلية.

4 ـ بالصبر والعزيمة والإصرار على طلب العلم قد يحقق الواحد منكم من التقدم الشخصي على المدى البعيد ما يعجز عنه كثير من الأذكياء.. وتذكروا دائما الذي جرى بين الأرنب والسلحفاة حيث هزم الأرنب بسبب غروره وتوانيه، وفازت السلحفاة بدأبها ومثابرتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب (50 شمعة لإضاءة دروبكم)

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

قضايا شبابية

الاهتمام بالقلوب

سلامة القلب وطهارته وصفاؤه ونقاوته، مطلب رباني، ومقصود شرعي، وكلما طهر قلب العبد كان من أفضل الناس.. فعن عبد الله...المزيد