الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مثل الناس مع الهدى

مثل الناس مع الهدى

مثل الناس مع الهدى

بعث الله محمدا بالقرآن الذي يرشد الناس إلى طريق الخير، ويهديهم إلى وجوه المصلحة، ويعرفهم الحقائق، ويبين لهم الأحكام، ويرفع عن قلوبهم غشاء الجهالة، فهو هدى ورشاد، وعلم ونور، غير أن الناس لم يكونوا في الانتفاع به بدرجة واحدة، بل اختلفوا وتباينوا لاختلاف نفوسهم وتفاوت استعدادهم.

عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) متفق عليه.

معاني الكلمات:
أجادب: جمع أجدب، وهي الأرض الصلبة التي تمسك الماء، سماها أجادب لأنها لصلابتها لا تنبت.
قيعان: الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت. الغيث: المطر. نقيَّة: طيِّبة.

معنى الحديث :
ضرب النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مثلاً لما جاء به من الدين بالغيث العام الَّذِي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، وكذلك كَانَ حال الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يُحيي البلد الميت، فكذا علوم الدين تُحيي القلب الميت، ثُمَّ شبه السامعين له بالأرض المختلفة الَّتِي ينزل عليها الغيث.
فمنهم: العالم العامل المعلم، فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها.
ومنهم: الجامع للعلم استغرق لزمانه فيه غير أنه لَم يعمل بنوافله، أو لَم يتفقه فيما جمع، لكنه أَدَّاه لغيره، فهو بمنزلة الأرض الَّتِي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به، وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم : (نضر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها ) رواه ابن ماجه.
ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض الملساء الَّتِي لا تقبل الماء وتفسده عَلى غيرها.


فوائد الحديث: تضمن هذا الحديث عدة فوائد مهمة، من أهمها:
ـ بيان ضرب الأمثال لتوضيح العلم، وتسهيل وصوله إلى أفهام الناس.
ـ فضل العلم والتعليم، وشدة الحث عليهما.
ـ ذم الإعراض عن العلم، وعدم الاشتغال بتحصيله.
ـ بيان انقسام الناس فيما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم.


هذا المثل يدعو كل إنسان أن ينظر في نفسه وحاله من أي أنواع الأرض هو، هل من الأرض التي قبلت الماء وأنبتت العشب والكلأ؟، أو من الأرض الثانية التي أمسكت الماء فنفعت الناس وإن كان دون الأول، أو من الأرض الثالثة التي حرمت نفسها وغيرها والعياذ بالله.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

معالجات نبوية

دور العلماء في علاج ظواهر الانحراف الفكري

الإسلام يحث على التفكير والإبداع في مجالات الحياة كلها، ويثمن النتاج العقلي النافع، ولكن الفكر إذا كان في المجالات...المزيد