الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوالد أوسط أبواب الجنة

الوالد أوسط أبواب الجنة

الوالد أوسط أبواب الجنة

من أعظم القربات وأرفع الدرجات عند خالق الأرض والسموات بر الوالدين والإحسان إليهما في حياتهما وبعد موتهما، وقد جمعَ الله تعالى بين عبادتِه وبين الإحسان إلى الوالدينِ، فقال سبحانه: (وقضى رَبّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالِدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما)( الإسراء/23)

فإدراك الوالدين أو أحدهما كنز عظيم، وفرصة ثمينة لتحقيق رضا الله تعالى ودخول الجنة، ففي الحديث عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه، قيل من يا رسول الله قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة ) رواه مسلم.
والرغام: التراب ، وإلصاق الأنف به في قولهم رغم أنفه كناية عن إذلاله وإهانته.
ومن الأحاديث التي جاءت في بيان فضل ومنزلة الوالدين، ما رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه)، وهذا الحديث له سبب كما في مسند أحمد وصحيح ابن حبان: أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال : إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال : ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعته يقول : ( الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع ) قال : فأحسب عطاء قال : فطلقها).
وقوله: (الوالد أوسط أبواب الجنة) أي طاعته سبب لدخول الولد من ذلك الباب، وهو يشمل الأم أيضا، بل هي أولى لكثرة الحث على برها، والحديث مسوق لذلك والمراد من الأوسط الخيار.
وظاهر هذا الحديث يفيد استحباب طاعة الأم أو الأب إذا أمراه بطلاق امرأته، ولم يرضيا إلا بذلك وهو من البر، وقد يستدل البعض أيضا بما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ( كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أن أطلقها فأبيت، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأرسل إلي فقال: يا عبد الله طلق امرأتك فطلقتها) رواه أحمد وغيره.
ويجاب عن هذا بأن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم عمر على تطليق ابن عمر لزوجته طاعة لأبيه، بأنها قضية عين، وليست عامة، لكون عمر له في ذلك سبب شرعي، وهو من هو رضي الله عنه، ولهذا قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته؛ فإن رجلاً سأل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قال إن أبي يقول: طلق امرأتك، وأنا أحبها، قال: لا تطلقها، قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر، فقال له الإمام أحمد: وهل أبوك عمر؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه؛ لأنه من المستحيل أن عمر يأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي. فهذا بعيد.
بهذا يظهر لك أخي أن الوالد أوسط أبواب الجنة، فاحرص على تحقيق برهما والإحسان إليهما، وعدم مخالفة أمرهما مالم يكن في ذلك معصية لله ورسوله.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

معالجات نبوية

دور العلماء في علاج ظواهر الانحراف الفكري

الإسلام يحث على التفكير والإبداع في مجالات الحياة كلها، ويثمن النتاج العقلي النافع، ولكن الفكر إذا كان في المجالات...المزيد