الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اليوجا أبرز نماذج العلاج بالطاقة

اليوجا أبرز نماذج العلاج بالطاقة

 اليوجا أبرز نماذج العلاج بالطاقة

وضع أرباب هذه الأفكار والمعتقدات برامج تدريبية علاجية تساعد -بزعمهم- على حسن تدفق الطاقة الكونية في أجسادهم لتتصل بالإله أو (بالقوة العظمى في الكون) وتتحرر من التناسخ، وذلك عبر ممارسة تمارين وتطبيقات خاصة، أخذت تلك التمارين أسماء عدة بحسب المقصود منها، ونقف في هذه المقالة على اليوجا أبرز تلك التمارين.

اليوجا: كان من أكثر ما انتشر من أنواع العلاج بالطاقة ما عُرف بـ: اليوغا، أو اليوجا؛ وتلقتها الشعوب باعتبارها قدمت على أنها من الطب البديل، أو لأنها قدمت في النوادي الصحية على شكل تمارين رياضية للرشاقة والصحة.
اليوجا: كلمة سنسكريتية تعني في الأدبيات البوذية الاتحاد والتوحد مع القوة العظمى الإله (براهمان)، يتم تطبيقها عبر ممارسة بعض التمارين التي تهدف إلى تحريك مراكز الطاقة الكامنة في جسم الإنسان لتنفتح ممراتها لتلقي الطاقة العظمى المبثوثة في الكون التي هي مصدر الحياة، ثم إن اليوجا ليست مجرد تمارين وتأملات فحسب؛ بل هي منهج حياة تعبدي، يستدعي الالتزام بثمانية عناصر حتى تتحقق الغاية الرئيسة لليوجا وهي الاتصال بالإله، وهذه العناصر الثمانية هي:
1. ياما: وهي تشتمل على خمسة عناصر هي: الحقيقة، والعفة، وعدم العنف، وعدم السرقة، وعدم الطمع بما عند الغير.
2. نياما: وتشتمل على خمسة عناصر أيضًا هي: الطهارة، والرضا، والصرامة، والدراسة أي التأمل والتفكير في الإله، والإخلاص أي الخضوع والإيمان بالإله الذي هو جزء أساسي من اليوجا التقليدية.
3. برانياما: وهي تعني تمدد النَّفَس واحتباسُه بهدف تحسين الجسم والعقل وتزويده بالطاقة المسيطرة على كل شيء.
4. براتيهارا: ويقصد بها الانفصال عن الاضطرابات والمشتتات الخارجية أي عن الدنيا وإلهاءات الجسد والحواس.
5. دهارما: ويعني التركيز وتوجيه العقل نحو هدف معين.
6. سامادهي: ويعنون به الوعي المطلق للاتحاد بالوعي الكوني (الاتحاد بالألوهية).
7. دهيانا: التأمل: لا يستطيع اليوجي تحقيق هدفه من التحرر من التناسخ والاتحاد بالألوهية إلا بالتأمل، الذي هو عندهم: إفراغ الذات وعزل العقل عن أي محتوى حتى لا تتزاحم الأفكار داخله ليحدث بعدها السكون الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان والقوانين، فلا بد لليوجي أن يتخلص من عقله ويعزله حالة الوقوف للتأمل لأن العقل أساس التفكير ولن يستطيع اليوجي الاتصال بعالم الآلهة بتفكيره لفساد عقله، فليس له إلا عزل عقله؛ فالتأمل في النهاية هو السكون الذي يوصل إلى التحرر من التناسخ والاتحاد بالآلهة، ويكتسب به اليوجي العين الثالثة التي تكون وسط الجبهة فيبصر بها عالم الغيب والمستقبل؛ لأنه قد دخل عالم الآلهة والاتحاد.
ولا بد للتأمل من شروط حتى يحقق غايته، ومن أهم تلك الشروط: النية الخالصة، والخلوة في مكان نظيف وهادئ، والثبات على وضعية معينة كما في الفقرة التالية، ووضع صورة أمامه ترمز للإله والنظر إليها حتى لا تتشتت أفكاره، والالتزام بالوقت وهو عند الشروق والغروب، على أن لا يقل عن عشرين دقيقة ثم يزيدها إلى ساعة أو أكثر، وضبط النَّفَس، وترديد الترنيمات مع كل نفس حتى يمتزج الترنيم والتفكير والنفس، وعلى اليوجي أن يواصل ذلك حتى يسمو بروحه ويصبح هو والحقيقة شيئًا واحدًا.
8. أسانا: وهي وضعيات اليوجا، والأسانا كلمة سنسكريتية تعني الثبات، فاليوجي يتخذ وضعية لا بد أن يثبت عليها مدة من الزمن، ووضع هذا العنصر في ممارسة اليوجا ليس عبثًا بل هو منبثق عندهم من فكرة التناسخ ووحدة الوجود، فاليوجي يهدف من وراء ممارساته إلى الاتحاد بالإله، أو الدخول في عالم الإله كحد أدنى، وإذا كانت فكرة وحد الوجود عندهم تعني أن الإله قد تجسد وحل في كل الكائنات الحية أو غير الحية؛ فلا بد لليوجي أن يتخذ وضعية إحدى تلك الكائنات ليتحقق له مراده، فتراهم يتخذون شكل قط، أو ثعبان، أو قمر، أو سمكة، أو شجرة ونحوها من المخلوقات ويثبتون عليها مدة من الزمن ليصلوا بعدها إلى درجة الاتحاد مع الإله والرقي الروحي.
كذلك عقيدة التناسخ التي سبق بيانها، ثم إن من أنواع التناسخ عندهم: أنهم يعتقدون أنهم بسبب ذنوبهم قد تعاقبهم الآلهة فتنسخ أرواحهم في أجساد بعض الحيوانات كالكلب، أو القط، أو طير ما، أو غيرها من المخلوقات، فيعمد اليوجي ليتخلص من ذنوبه وآثامه إلى محاكاة أشكال تلك الحيوانات بتطبيق تمارين تأخذ شكل تلك الحيوانات التي يظن أن روحه قد نسخت فيها، حتى إذا ما انتهى من محاكاة تلك الأجساد السفلية كلها؛ ارتقى بعدها إلى العالم العلوي مرحلة (التأمل) التي يتحد فيه بالإله (الحلول والتجسيد)، أو يدخل عالم الإله على أقل تقدير.
وتكمن الخطورة في أن الغزو الثقافي الذي أوفد للمجتمعات المسلمة هذه الأفكار؛ قد تعامل مع اليوجا على أنها مجرد تمارين رياضية، تؤدي لعلاج كثير من الأمراض النفسية والبدنية بعيدًا عمَّا قامت عليه من الاعتقادات الضالة، بل عمد إلى تحريف ما في اليوجا من أسماء ترمز لاعتقادات شرقية، كأن يقال: الحكيم أو الفيلسوف قال في هذه الوضعية كذا، وهو في العقائد الشرقية الإله وليس الحكيم، أو يُقال: ورد في كلام الحكماء أو الفلاسفة كذا، وهو في الحقيقة كلام آله الهنود وما في كتبهم المقدسة، وليس قول الحكيم ولا الفيلسوف، ودرجت هذه الأسماء على ألسنة المسلمين تبعًا.
ويضاف للأسانا التي هي وضعية الجسد المدرا: وهي وضعيات الأصابع وحركاتها لا بد لليوجي الإتيان بحركة من تلك الحركات عند ممارسة اليوجا، وكذا المانترا: هي الأصوات والتمتمات والتعويذات التي يرددها اليوجي، فهذه ثلاث عناصر أو حيثيات لا بد أن تشتمل عليها اليوجا (الأسانا، المدرا، المانترا)، وإلى جانب كل ذلك لا بد لليوجي أن يلتزم نظامًا غذائيًا من حمية وصيام، وللطعام في المعتقدات الهندوسية والبوذية أثر فعال في الحالة العقلية والنفسية، ويؤثر على الروح سلبًا وإيجابًا، ولذا لا بد لممارس اليوجا من تناول نوع من الأطعمة واجتناب أنواع أخرى حتى يثبت على وضعيات اليوجا عند الوقوف للتأمل.
أما الصوم فيجب على اليوجي صيام يوم كل أسبوع على الأقل، وصيام يومين عند اكتمال القمر، وذلك ليرتاح الجسم من عمليات الهضم، ويُمنح العقلُ القوة والطاقة للتأمل، وقد كان حال الصيام في اليوجا القديمة يصل إلى أيام وليالٍ متصلة تصل إلى حد المجاعة أحيانًا.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة