الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحداث بين غزوة الطائف وغزوة تبوك

أحداث بين غزوة الطائف وغزوة تبوك

أحداث بين غزوة الطائف وغزوة تبوك

كانت حياته صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه حياة جِدِّ وعمل ، ومما يدل على ذلك أحداث السيرة العطرة ، التي يراها الناظر متتابعة متلاحقة في إنجازاتها العظيمة التي تدل ولا شك على عظمة القائد ، وجَلده وصبره في تبليغ الحق الذي جاء به ، والثبات عليه مهما كانت الصعاب والعقبات ، ومعه في ذلك الطريق أصحابه الكرام.

فبعد غزوة الطائف التي كانت في شوال سنة 8هـ ، لحقتها عدة أحداث نوجزها باختصار:-

1- قدوم وفد هوازن
حيث أقبلوا مسلمين طائعين مبايعين ، وكان عددهم أربعة عشر رجلاً ، ويرأسهم زهير بن صُرَد ، وفيهم أبو بُرْقَان عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، وكان من جملة ما طلبوا من الرسول أن يعيد إليهم السبايا التي أصابها المسلمون منهم ، فأجابهم النبي الكريم إلى ذلك بعد استشارة أصحابه ، واستطابة خاطرهم .

2- أداء العمرة
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقسمة غنائم حنين في الجعرانة ، حيث أخّر قسمتها ، أملاً في قدوم وفد هوازن تائبين ، فتُعاد إليهم ، ولما لم يأته أحد قسمها ، ثم أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة منها ، وبعد انتهاء العمرة انصرف من مكة عائداً إلى المدينة بعد تولية عتّاب بن أسيد على مكة ، وكان دخوله المدينة أواخر ذي القعدة سنة 8هـ .

3- البعوث
بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، بدأ أوائل سنة 9هـ في بعث الوفود إلى القبائل ، فبعث عيينة بن حصن إلى بني تميم ، و يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار ، و عباد بن بشر الأشهلي إلى سُليم ومزينة ، و رافع بن مكيث إلى جهينة ، و عمرو بن العاص إلى بني فزارة ، و الضحاك بن سفيان إلى بني كلاب ، و بشير بن سفيان إلى بني كعب ، و ابن اللّتبية الأزدي إلى بني ذبيان ، و المهاجر بن أبي أمية إلى صنعاء ، و زياد بن لبيد إلى حضرموت ، و عدي بن حاتم إلى طيئ وبني أسد ، و مالك بن نويرة إلى بني حنظلة ، و الزِّبْرِقَان بن بدر و قيس بن عاصم إلى بني سعد ، و العلاء بن الحضرمي إلى البحرين ، و علي بن أبي طالب إلى نجران .

وكانت هذه البعوث تقوم بالدعوة إلى الله ، وتعليم الناس أمور دينهم ، وجمع الصدقات ، وأخذ الجزية .

4- السرايا
وكما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم البعوث ذات الطابع السِّلمي ، أرسل السرايا التي يغلب عليها الطابع العسكري الجهادي من أجل الوقوف بحزم مع أولئك الذين يثيرون القلاقل بين حين وآخر :
فكانت سرية عيينة بن حصن الفزاري إلى بني تميم ، في خمسين فارساً .
وسرية قُطبة بن عامر إلى حي من خثعم ، في عشرين رجلاً .
وسرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب .
وسرية علقمة بن مُجزِّر المُدلجي إلى سواحل جُدَّة ، في ثلاثمائة .
وسرية علي بن أبي طالب إلى صنم لطيئ من أجل هدمه ، في خمسين ومائة .

وكانت نتائج هذه السرايا انتصار المسلمين ، وكسب الغنائم ، مع نيل الشهادة لبعض القادة والمقودين ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

تلك بعض الأحداث التي كانت بين غزوتي الطائف وتبوك ، وهي تدل على الصبر والجلد عند أولئك الرجال العظام ، وكيف أنهم كانوا يواصلون الخير والعطاء ، ونشر الهداية بين الناس ، والجهاد في سبيل الله باللسان والسنان دون كلل أو ملل ، وفي ذلك درسٌ عظيم لأمة الإسلام كي تنهض من كبوتها ، وتأخذ بهدي نبيها ، عسى الله أن يجعل لها من بعد عُسرها يُسرا .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة