الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان مراد السائل الكريم أن أباه قد اشترى هذه السيارة وبنى هذا البيت بقرض ربوي، فمع حرمة ذلك وكونه من الكبائر فإن كلا من البيت والسيارة صارا في ملكه ويجوز الاستفادة منهما كسائر أملاكه.
والواجب عليه التوبة إلى الله وألا يدفع إلا رأس المال الذي اقترضه، ما لم يضطر إلى دفع الفوائد تحت ضغط الملاحقة القانونية. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى: 106503، 59079، 63536.
وأما إن كان المراد أن أباه قد اكتسب ثمن السيارة والمسكن من الربا، كأن يكون قد وضع ماله في بنك ربوي واشترى هذه الأشياء من الفوائد الربوية، فالحكم هنا يختلف، فإن هذه الأموال ليست ملكا له شرعا، ولا يحل له إلا رأس ماله، وعليه فعين هذه الأشياء محرم، يجب التخلص منها بإنفاقها في المصالح العامة أو على الفقراء ونحوهم، مع التوبة النصوح، وراجع الفتويين: 54684، 66661.
وبالنسبة للسائل نفسه فسكنه في هذا البيت في هذه الحال إذا كان لضرورة الدراسة في هذه المدينة ولم يكن له مأوى آخر ولا قدرة على استئجار سكن ونحو ذلك، فهو معذور باضطراره؛ فإن الضرورات تبيح المحظورات، وإلا فلم يكن له أن يسكن هذه الدار. وراجع الفتوى: 32127.
وإنما حكمنا بالحرمة رغم أن مال الوالد مختلط لأن أكثر ثمن السيارة وأكثر أو كل ثمن المنزل ـ كما ذكر السائل ـ من عين المال الحرام الذي هو الربا، والعبرة بالغالب، والقاعدة أنه إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام.
بخلاف ما إذا كان أغلب مال الوالد من الحرام ولكن لا ندري هل عين ثمن هذه السيارة أو ذلك المنزل من الحرام أم لا، فإن حكم المال المختلط بصفة عامة قد اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من صرح بكراهته مطلقا دون حرمته. ومنهم من اعتبر الغالب فقال: تجوز المعاملة إذا غلب الحلال على الحرام، وتحرم إذا غلب الحرام على الحلال. والمفتى به في الشبكة هو القول الأول بالكراهة، كما سبق بيانه في الفتاوى: 7707، 18559، 6880.
وكان الواجب عليك على أية حال مناصحة والدك وترهيبه من التعامل بالربا وعدم إقراراه على ذلك. وراجع في ذلك الفتاوى: 70264، 64082، 51868.
والله أعلم.