الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من المال المكتسب من عمل حرام

السؤال

أشك في حرمة بعض مالي لقيامي في عملي ببث إعلانات فيها صور لنساء غير متحجبات وأريد التوبة بتطهير مالي لكني لا أعرف كيف أحدد نسبة المال الحلال ونسبة المال الحرام في رصيدي وفي الحقيقة لا أستطيع تماما تقدير هذا القسط الواجب إخراجه: أهو الربع, النصف, أم ثلات الأرباع!! ما أستطيع الجزم به هو أنه ليس كل مالي حراما!!! فكيف أفعل؟أما عن أوجه التخلص من المال:
1- فأبي رجل يقرب الستين عاما وهو عاطل عن العمل, ومنهار معنويا لعدم قدرته على القوامة في البيت!!فهل بإمكاني أن أهبه البعض من هذا المال لمساعدته في محنته! مع العلم أنه ربما بل بالتأكيد سوف يصرف على أسرتنا من هذا المال المشكوك فيه؟
2- و قد أقرضتني أمي في السابق مبلغاً من المال اتفقنا على أن أسدده بالتقسيط, فهل بإمكاني تسديد ما تبقى علي من دين دفعة واحدة من هذا المال المشكوك فيه, مع العلم أن أمي ربما بل بالتأكيد سوف تصرف منه على أسرتنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك توبتك، وأن يشرح صدرك وييسر أمرك علماً بأن توبتك لا تتم إلا بالندم على ما كان منك مع الإقلاع عنه في الحاضر والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، أما عن المال الذي استفدته من هذا العمل المحرم، فالواجب عليك هو التخلص منه بنسبة العمل المحرم الذي كنت تمارسه، وهذه النسبة تكون تحديداً إن أمكن ذلك، فإن تعذر تحديدها وجب العمل بالتقدير بغلبة الظن من الاحتياط في ذلك إبراء للذمة، والعمل بغلبة الظن عند تعذر اليقين معتبر في الشرع فقد قال تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ {آل عمران: 102، كما قال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}.

ولا مانع من إعطاء هذا المال أو بعضه لوالدك إن لم تكن نفقته واجبة عليك، أو كانت نفقته واجبة عليك لكنك لا تستطيع القيام بها، أما إذا كانت نفقة والدك واجبة عليك فلا يجوز لك أن تفتدي نفقتك عليه بإعطائه هذا المال، وإذا جاز لك أن تعطي أباك هذا المال لفقره وعدم قدرتك على نفقته، فلا مانع من أن ينفق بعضه على أسرتك لأنه تملكه بطريق مشروع صحيح، فسبيل المال الحرام أن يبذله مكتسبه في مصالح المسلمين أو يعطيه للفقراء، والأب الفقير أولى من غيره في مثل هذا.

أما سداد الدين الذي عليك لوالدتك فلا يجوز من هذا المال إن كنت غنياً قادراً على سداده من مال حلال، أما إذا كنت فقيراً فلا مانع من سداد دينك منه، لأن الغارم الذي ليس له ما يقضي به دينه يعتبر في حكم الفقير.

قال النووي نقلاً عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ

ولا مانع في هذه الحالة أيضاً من أن تنفق الأم من هذا المال على أبنائك، وراجع للفائدة الفتاوى التالية: 9902، 28780، 52650.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني