الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

البحر الزخار المعروف بمسند البزار 10 - 18

البزار - أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار

صفحة جزء
[ ص: 316 ] 6916 - حدثنا سلمة بن شبيب ، نا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، فقال الحجاج بن علاط : يا رسول الله ، إن لي بمكة مالا ، وإن لي بها أهلا ، وإني أريد أن آتيهم ، فأنا في حل إن أنا نلت منك ، أو قلت شيئا ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء ، فأتى امرأته حين قدم ، فقال : اجمعي لي ما كان عندك ، فإني أريد أن أشتري من غنائم محمد وأصحابه ، فإنهم قد استبيحوا ، وأصيبت أموالهم ، قال : وفشا ذلك بمكة ، فانقمع المسلمون ، وأظهر المشركون فرحا وسرورا ، قال : وبلغ الخبر العباس بن عبد المطلب ، فقعد في مجلسه ، وجعل لا يستطيع أن يقوم .

قال معمر ، فأخبرني عثمان الجزري ، عن مقسم ، قال : فأخذ العباس ابنا له ، يقال له : قثم ، يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستلقى فوضعه على صدره ، وهو يقول : حبي قثم ، شبيه ذي الأنف الأشم ، نبي ذي النعم ، برغم من رغم .

قال معمر : قال ثابت ، عن أنس : ثم أرسل إلى الحجاج بن علاط ، فقال : ويلك ، ماذا جئت به ؟ فقال الحجاج لغلامه : أقرئ أبا الفضل السلام ، وقل له : فليختل في بعض بيوته لابنه ، فإن الأمر على ما يسره ، فجاء غلامه ، فلما بلغ الباب ، قال : أبشر أبا الفضل ، فوثب العباس فرحا ، فقبل بين عينيه ، فأخبره بما قال الحجاج ، فاعتنقه ، ثم جاء الحجاج ، فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر ، وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله في أموالهم ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية ابنة حيي ، واتخذها لنفسه ، وخيرها بين أن يعتقها وتكون زوجته ، وبين أن تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، ولكن جئت لمال كان لي هاهنا ، أن أجمعه فأذهب به ، فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي أن أقول ما شئت ، فأخف عني ثلاثا ، ثم قل ما بدا لك ، فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ، أو متاع ، فجمعته ، فدفعته إليه .

فلما كان بعد ثلاثة ، أتى العباس [ ص: 317 ] امرأة الحجاج ، فقال لها : ما فعل الحجاج ؟ فأخبرته أنه قد ذهب ، وقالت : لا يحزنك أبا الفضل الذي بلغك ، فقال : أجل ، لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا ، أخبرني الحجاج أن الله تبارك وتعالى فتح خيبر على رسوله ، وجرت سهام الله تعالى ، واصطفى صفية لنفسه ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا ، قال : فإني صادق ، والأمر على ما أخبرتك .

قال : ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون : لا يصيبك إلا خيرا يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله ، أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر فتحها الله على رسوله ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى صفية لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ماله ، وما كان له من شيء هاهنا ، ثم يذهب ، قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا ، حتى أتوا العباس ، فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون ، ورد الله ما كان من كآبة أو حزن على المشركين
.

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ثابت ، عن أنس ، إلا معمر .

6917 - حدثنا الحسين بن مهدي ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ثابت عن أنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية